للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تُوجبه اللغة، وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة، وخلاف ما فطر الله عليه الخلق» (١)، وليس قولُ أهل السنَّة بأنه تعالى معهم بعلمه من التأويل كما يزعمه المخالفون؛ بل هذا قد دلَّت عليه آيةُ المعيةِ، فإنَّها بُدِأت بالعلم وخُتِمت بالعلم، وهي قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم (٧)[المجادلة] (٢). وما قاله المؤلف مطابق لما صحَّ عن الإمام مالك، وهو قوله: «اللَّه في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو من علمه مكان»، رواه أحمد، وأبو داود (٣).

قوله: (خلق الإنسانَ ويعلم ما توسوسُ به نفسه، وهو أقربُ إليه من حبل الوريد):

هذا تفصيلٌ لما أجملَه في قوله: وعلمُه في كلِّ مكانٍ.

أخذه من قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد (١٦)[ق]، فخصَّ بالعلم ما توسوس به نفسه؛ لأنَّه من أخفى الأشياء، وهذا كثيرٌ في القرآن؛ كقوله تعالى: ﴿وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ


(١) العقيدة الواسطية (ص ٨٣ - ٨٤)، وبشرح شيخنا (ص ١٥٦).
(٢) ثبت عن جمع من السلف أنهم قالوا: هو معهم؛ أي: بعلمه، منهم ابن عباس، والضحَّاك، ومقاتل بن حيَّان، وسفيان الثوري، ومالك، وأحمد بن حنبل وغيرهم، وحكى الطلمنكي وابن عبد البر إجماع الصحابة والتابعين ولم يخالفهم فيه أحد يُعتد بقوله. ينظر: الرد على الجهمية والزنادقة (ص ٢٩٦ - ٢٩٧)، والنقض على المريسي (١/ ٤٤٢ - ٤٤٣)، والشريعة (٣/ ١٠٧٤)، والتمهيد (٧/ ١٣٨ - ١٣٩)، وشرح حديث النزول (ص ٣٥٦ - ٣٦٣)، وبيان تلبيس الجهمية (٢/ ٣٨).
(٣) ينظر: مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود (١٦٩٩).

<<  <   >  >>