للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك صفةُ الكلامِ هي صفةٌ ذاتيةٌ فعلية، ولهذا تقول: اللهُ لم يزل مُتكلِّمًا إذا شاءَ، فينبغي التقييدُ بما شاء. أمَّا أنواعُ الفعلِ مثل الاستواءِ؛ فلا تقلْ: اللهُ لم يزل مُستويًا على العرش؛ فالعرشُ مُحدَثٌ مخلوقٌ، فلا يُتَصوَّرُ أن تقولَ: إنَّه تعالى لم يزل مستويًا على العرش، بل تقول: لم يزل فعَّالًا لِمَا يريدُ، والاستواءُ من أفعاله، وكذلك المجيءُ يومَ القيامة من أفعاله، وكذلك النزولُ كلَّ ليلةٍ حين يبقى ثلثُ الليلِ الآخر (١)، وإذا عُلِمَ أنَّه تعالى لم يزل فعَّالًا لِمَا يريد؛ فمعنى ذلك دوامُ فاعليته ودوامُ أفعالِه؛ بمعنى: أنَّه ما من فعلٍ إلَّا وقَبْله فعل، وهذا لازمٌ من دوام فاعليته، ويُعبَّرُ عنه بتَسَلْسُلِ الأفعال؛ أي: أفعال الرب، وهذا لا خلاف فيه بين أهل السنَّة (٢).

قوله: (تعالى أن تكونَ صفاتُه مخلوقةً، وأسماؤُه مُحدثةً): هذا فيه تفصيلٌ؛ فالصفاتُ الفعلية نوعُها في الجملة قديمٌ، وأفرادُها حادثةٌ؛ مثل الكلامِ، يقولُ أهلُ العلم المُحقِّقون: إنَّ الكلامَ قديمُ النوعِ حادثُ الآحاد (٣).


(١) أخرجه البخاري (١١٤٥)، ومسلم (٧٥٨) عن أبي هريرة ، وهو حديث متواتر. ينظر: نظم المتناثر (ص ١٧٨ رقم ٢٠٦).
(٢) ينظر: درء التعارض (١/ ١٢١ - ١٢٧)، (١/ ٣٠٣ - ٣٠٥)، (١/ ٣٥١ - ٣٥٦)، (١/ ٣٦٨ - ٣٧٠)، (٢/ ٢٨٢ - ٢٨٨)، (٢/ ٣٤٤ - ٣٩٩)، ومنهاج السنة (١/ ١٤٦ - ١٤٨)، (١/ ١٧٦ - ١٧٨)، ومجموع الفتاوى (١٨/ ٢١٠ - ٢٤٤)، والكافية الشافية (١/ ٢٧٢ - ٢٨٢).
(٣) ينظر: منهاج السنة (١/ ١٦٦)، (٢/ ٣٧٩)، والجواب الصحيح (٣/ ٢١٢ - ٣١٣)، ومجموع الفتاوى (١٢/ ٣٧٢).

<<  <   >  >>