للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجعلها دارَ خلودٍ لأعدائِه الكافرين، وقد تقدم ذِكر الأدلة على ذلك قريبًا؛ كقوله تعالى في الجنة: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين (١٣٣)[آل عمران]، وقوله في النار: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين (٢٤)[البقرة]، ومن الأدلة على دوامهما قوله تعالى في أهل الجنة: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [النساء: ٥٧] في عدد من الآيات، وقوله في أهل النار في عدد من الآيات: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [النساء: ١٦٩].

وقد اتفقَ أهلُ السُّنةِ على أنَّ الجنةَ والنار موجودَتان مخلوقتان، لا تفنَيان أبدًا ولا تبيدان، وذهب الجهمُ بن صفوان ومَن تبعه إلى القول بفناء الجنةِ والنارِ؛ لأنَّ من الممتنع عنده دوامُ المخلوقات في الماضي، والمستقبل (١). أمَّا الجنةُ فقد أجمعَ أهلُ السنَّةِ على دوامِها وبقائها، وأمَّا النارُ فمنهم مَنْ يَحكي الإجماعَ (٢)، ومنهم مَنْ يحكي بعضَ الخلافِ في دوامِ النار، وجمهورُ أهلِ العلمِ والسَّلفِ على أنَّ النارَ دائمةٌ لا تفنى


(١) ينظر: منهاج السنة (١/ ١٤٦ - ١٤٧)، (١/ ٤٣٢ - ٤٤٦)، وشرح الأصبهانية (ص ٣١١ - ٣١٢)، ودرء التعارض (١/ ٣٠٥ - ٣٠٦)، (٣/ ١٥٧ - ١٥٨)، (٨/ ٣٤٥ - ٣٤٧)، ومجموع الفتاوى (٨/ ١٥٣ - ١٥٤)، وحادي الأرواح (٢/ ٧٢٣ - ٧٢٩).
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة: على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى بالكلية، كالجنة والنار والعرش وغير ذلك، ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكلام المبتدعين، كالجهم بن صفوان ومن وافقه من المعتزلة ونحوهم، وهذا قول باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله وإجماع سلف الأمة وأئمتها». مجموع الفتاوى (١٨/ ٣٠٧).
وينظر: عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص ٢٦٤)، والفصل (٤/ ٦٩ - ٧٠)، ومراتب الإجماع لابن حزم (ص ٢٦٧ - ٢٦٨)، والتذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (٢/ ٩٢٦).

<<  <   >  >>