للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد دلَّت النصوصُ على أنَّه يتجلَّى يومَ القيامةِ، ويراه المؤمنون، والمنافقون (١)، وفي الجنةِ يتجلَّى لأهلِ الجنةِ ويَرَوْنه.

قال ابن عبد البر: «وفي قول الله ﷿: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾ [الأعراف: ١٤٣] دلالة واضحة أنه لم يكن قبل ذلك متجليًا للجبل … ومن أراد أن يقف على أقاويل العلماء في قوله ﷿: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾ فلينظر في تفسير بَقِيِّ بن مَخلد (٢) ومحمد بن جرير (٣) وليقف على ما ذَكَرَا من ذاك ففيما ذكرا منه كفاية وبالله العصمة والتوفيق» (٤).

فكأنَّ المؤلف بهذا يشيرُ إلى إثباتِ الرؤيةِ، وأنَّ الله يَظهرُ لمن شاءَ ويتجلَّى لمن شاء، ويراه مَنْ شاءَ إذا شاء، وقد أخبرَ الله في كتابه أنَّ الوجوهَ الناضرةَ تنظرُ إلى ربِّها، قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا


(١) ينظر الخلاف في رؤية المنافقين والكفار لربهم يوم القيامة في: مجموع الفتاوى (٦/ ٤٨٥ - ٥٠٦)، وبيان تلبيس الجهمية (٧/ ٥٨)، وحادي الأرواح (١/ ٦٠٩)، وتوضيح المقصود في نظم بن أبي داود (ص ٥٢ - ٥٥).
(٢) بقي بن مخلد: بقي بن مخلد بن يزيد أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي الحافظ أحد الأعلام، صاحب «المسند» و «التفسير»، أخذ عن يحيى بن يحيى الليثي، ورحل إلى المشرق، ولقي الكبار كالإمام أحمد وغيره توفي سنة (٢٧٦ هـ).
و «التفسير» الذي ذكره ابن عبد البر مفقودٌ، قال الحميدي: قال لنا أبو محمد علي بن أحمد (ابن حزم): «فمِن مصنفات أبي عبد الرحمن كتابه في تفسير القرآن فهو الكتاب الذي أقطع قطعًا لا استثناء فيه أنه لم يُؤلَّف في الإسلام مثله ولا تفسير محمد بن جرير الطبري ولا غيره». ينظر: جذوة المقتبس (ص ٢٥١ رقم ٣٣٢)، وطبقات المفسرين للسيوطي (ص ٤٠)، وتاريخ التراث لسزكين (١/ ٢٩٦).
(٣) ينظر: تفسير الطبري (١٠/ ٤٢٧).
(٤) التمهيد (٧/ ١٥٣).

<<  <   >  >>