للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشرعيةٍ، فالإذن - مثلًا - كونيٌّ؛ كقوله تعالى في السحر: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾ [البقرة: ١٠٢]، وشرعيٌّ؛ كقوله تعالى: ﴿مَا قَطَعْتُم مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الحشر: ٥]، والبعثُ الكونيُّ؛ كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا﴾ [الإسراء: ٥]، والبعثُ الشرعيُّ؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً﴾ [النحل: ٣٦]، والتحريمُ الكوني؛ كقوله تعالى: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ﴾ [القصص: ١٢]، والشرعيُّ؛ كقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣]، وهكذا بقيَّةُ المعاني، وشواهدُها في القرآن معروفةٌ (١).

وينبغي أن يُعلَمَ أنَّ المشيئةَ لا تنقسم؛ فلا يقال: إنَّ المشيئةَ نوعان: شرعيةٌ وكونيةٌ.

بل المشيئةُ كونيةٌ فقط، وليس لمن قال: «إنَّ المشيئةَ نوعان» ما يَشهدُ لقوله، وهي عامةٌ لجميع الموجودات، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

قوله: (أو يكون لأحدٍ عنه غنى):

أي: أن يستغني عنه أحدٌ، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ﴾ [فاطر: ١٥]، فلا غنًى لأحدٍ عنه سبحانه، فالعبادُ فقراءُ إليه في وجودهم، وفي بقائِهم، وفي جميع أمورهم، فالعبدُ لا يقدرُ إلَّا على ما أقدرَه اللهُ عليه، ولا يفعلُ إلا ما أعانه اللهُ عليه.


(١) ينظر: الجواب الصحيح (١/ ١٤٩ - ١٥٥)، وبيان تلبيس الجهمية (٨/ ٤٢٦ - ٤٢٩)، والتحفة العراقية (ص ٣٢٥ - ٣٣٠)، والفرقان (ص ٢٧٦ - ٢٨٦)، وشفاء العليل (٢/ ٣٧٧ - ٣٨٦).

<<  <   >  >>