للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمثلًا: مسائلُ الأسماءِ والصفاتِ، وما يتعلَّقُ بالملائكة، والإيمانُ باليومِ الآخر؛ هذه مسائلُ اعتقادية؛ يعني الواجبُ فيها الإيمانُ والتصديق، واليقينُ الجازم، ثم الإقرارُ وإظهارُ ذلك باللسان؛ فإنَّه لا يظهرُ ما في القلبِ إلا باللسان، لأنه هو الذي يُعبِّرُ عمَّا في القلبِ.

إذن: المسائلُ الآتيةُ كلُّها مسائلُ علميةٌ اعتقاديةٌ قولية، وقد تقدَّم (١) أنَّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ: قولُ القلبِ واللسان، يعني: اعتقادُ القلبِ، وإقرارُ اللسانِ، وعملُ الجوارحِ. فالداخلُ في الإسلام أولًا يؤمنُ بإلهيته ويؤمنُ برسولِه، وينطقُ الشهادتين، ولا يتحقَّقُ دخولُه في الإسلام إلا بأنْ ينطقَ الشهادتين، فإنْ نطقَ بهما وهو مُعتقدٌ لِمَا شهدَ به؛ صار مسلمًا، وإنْ نطقَ بهما وهو في الباطنِ على خلافِ ذلك؛ فهو مُنافقُ، ويتبين هذا التقرير بمعرفة أن أوَّل واجبٍ هو التوحيد، وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، فالتوحيدُ هو أصلُ دينِ الرُّسلِ من أوَّلهم إلى آخرهم، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون (٢٥)[الأنبياء].

فأوَّلُ واجبٍ على المكلَّفين: شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّدًا رسول الله؛ لقوله : «أُمرتُ أن أُقاتلَ الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله» (٢)؛ لأنَّ الشهادتين متلازمتان، لا تصحُّ إحداهما بدون الأخرى، ولا يَدخُل الكافرُ الأصليُّ في الإسلام إلَّا بهما،


(١) في (ص ٤٥) وتنظر: (ص ١٥٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢) من حديث ابن عمر .

<<  <   >  >>