للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وقد جاء أن يؤمَروا بالصلاة لِسَبع سنين، ويُضرَبوا عليها لعشرٍ، ويُفرَّقَ بينهم في المضاجع): يشير إلى حديث: «مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرقوا بينهم في المضاجع»، ومعلوم أن هذا ليس لوجوب الصلاة عليهم فإنها لا تجب إلا إذا بلغوا، ولكن لترويضهم على أداء الصلاة حتى يعتادوها فإذا بلغوا، وجرى عليهم قَلمُ التكليف؛ كانوا متهيئين لأداء الواجبات فكانت سهلة عليهم فيُؤمرونَ بها ثلاثَ سنين بدون تأديبٍ، وبالعشرِ يُضرَبون ويُؤَدَّبون؛ لأنَّ البلوغَ قد قَرُبَ، فيمكن أنْ يبلغَ الإنسانُ في الإحدى عشرة سنة، أو الاثنتي عشرة سنة، فابن عشرٍ قد شارفَ على البلوغ، ولهذا يُقال: إنَّه ناهزَ البلوغَ؛ يعني: قاربَ البلوغَ، ولهذا قال : «وفرِّقوا بينهم في المضاجع»؛ يعني: إذا تمَّ لهم عشرٌ؛ فاضربوهم لأداء الصلاة، وفرِّقوا بينهم في المضاجع؛ أي: الفُرُش، فلكلِّ ابنٍ أو بنتٍ فِراشٌ، فيُفرَّقُ بين البنين مع بعضهم، وبين البنات مع بعضهنَّ، ويُفرَّقُ بين البنين والبنات، فأمرَ بأمرين عظيمين: الأمرُ بالصلاة والحمل عليها، وتجنيبهم دواعي الشرِّ ومداخلَ الشيطانِ.

فالمؤلفُ يستشهدُ بهذا على ورودِ الشريعةِ بتربية الصِّغارِ وتعليمهم قبلَ البلوغِ؛ ليستعدّوا وليعتادوا الخيرَ، وكما يُؤمرون بالصلاةِ يُؤمرون بالصيامِ، ولهذا كان الصحابة يأمرون أولادهم بصيام يوم عاشوراء لمَّا فُرض على الناس قبل فرض رمضان (١)، وكذا يجب أن يُنهى الصغار


(١) أخرج البخاري (١٩٦٠) واللفظ له، ومسلم (١١٣٦) عن الربيع بنت معوذ، قالت: أرسل النبي غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: «من أصبح مفطرًا، =

<<  <   >  >>