للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفي مُماثلتِه لاستواءِ المخلوق، فالمخلوقُ يُوصفُ بالاستواء؛ كما قال تعالى: ﴿﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾ [الزخرف: ١٣]، وقال: ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾ [المؤمنون: ٢٨].

لكن استواءه تعالى لا يُماثل استواءَ المخلوق، كما أنَّ ذاتَه لا تُماثل ذواتَ المخلوقين، ولا نعلمُ ولا نعقلُ كُنْهَ استوائِه كما تقدَّمَ، فلا يبلغُ كُنهَ صفاتِه الواصفون، فيجبُ الإثباتُ ونفيُ التمثيل ونفيُ العلمِ بالكيفية، فهذا ما يقومُ عليه مذهبُ أهل السنَّة، وهو تعالى مستوٍ على العرش، ولا يلزمُ من ذلك ما يلزمُ في استواءِ المخلوق على المخلوقِ، لأنه يستلزمُ حاجته وافتقارَه إليه، وأمَّا الله فهو مُستوٍ على العرش مع غِناه عنه، فإنَّه هو المُمسِكُ للعرش وما دون العرشِ، فلا بدَّ من هذا الفرقِ.

فعُلِمَ: أنَّ وصفَه بالاستواءِ لا يستلزمُ محظورًا، فاستواءُ المخلوق على المخلوقِ يستلزمُ خصائصَ المخلوق، أمَّا استواءُ الربِّ فلا يستلزمُ شيئًا من خصائصِ المخلوق.

وقوله: (وعلى المُلك احتوى): كلمةُ «احتوى» ما علمتُ أنها وردَت في حديثٍ ولا أثرٍ، لكنَّها وردت في كلام بعض العلماء؛ مثل ابن أبي زيدٍ، وعبد القادر الجيلاني رحمهما الله (١) وابن طالب المالكي (٢)، وهو أقدم


(١) وعبارة الشيخ عبد القادر: «وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك». الغنية لطالبي طريق الحق (١/ ١٢١)، وبمثلها في «اليواقيت والجواهر» للشعراني (١/ ١٢١) وعزاها لكتاب «البهجة» فقال: «ورأيت في كتاب «البهجة» المنسوبة لسيدي الشيخ عبد القادر الجيلي .... ».
(٢) ابن طالب: عبد الله بن طالب القاضي تفقَّه بسحنون، وكان من كبار أصحابه ولقي المصريين: محمد بن عبد الحكم ويونس بن عبد الأعلى، وحج وانصرف =

<<  <   >  >>