للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهلُ العلمِ لهم مذاهبُ واختياراتٌ واجتهاداتٌ وطرائقُ في فهم الأدلَّة؛ فكُلٌّ له اجتهادُه، وقد اشتهر في الفقه أربعةٌ من العلماء؛ وهم المعرفون بالأئمة الأربعة: أبو حنفية ومالك والشافعي وأحمد، فصار أصحابُهم مِنْ بعدهم على مذاهبهم، وبهذا وُجدت المذاهبُ الأربعةُ وصارت هذه المذاهبُ مدارسَ، فكلُّ طالب علمٍ يتخصص بمذهب من هذه المذاهب، وتفرَّقَ أصحابُ هذه المذاهب في البلاد حسب مَنْ وُجد فيها من أصحاب الأئمة الأربعة، ومن ذلك: اشتهارُ مذهبِ أبي حنفية في المشرق، ومالك في المغرب، وهذا أكثرُ ما يجري في الأمور العمليَّةِ.

أمَّا مسائل الاعتقادِ؛ فالأصلُ أنَّهم فيها على منهجٍ وطريقٍ واحدٍ، والتباعدُ والاختلافُ إنَّما يجري في المسائل العمليَّةِ كما هو ظاهرٌ، فأهلُ السنَّةِ والجماعةِ ليس بينهم خلافٌ في أصول مسائلِ الاعتقادِ، لكنْ يختلفون في المسائل العمليَّة، وهي: أبواب الطهارة، والعبادات والمعاملات.

والإمامُ ابن تيميّة يُقرِّرُ في كتابه «الاستقامة» أنَّ ما يتفقُ عليه أهلُ العلم هو أعظمُ وأكثرُ ممَّا يختلفون فيه؛ خلافًا لمن يظنُّ خلافَ ذلك، فيبدو للقارئ أنَّ مسائلَ الخلاف أكثرُ من مسائل الاتفاق، والأمرُ بالعكس، وليُرجع إلى هذا الموضع؛ فإنَّه نافعٌ في هذا المقام (١).


(١) ينظر: الاستقامة (١/ ٥٥ - ٦٥).

<<  <   >  >>