للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كلِّ مكان، ولا يُوصف بأنَّه فوق المخلوقات بمعنى: أنَّه فوقهم بذاته، لكن إذا قالوا: بأنَّ اللهَ فوق المخلوقات فيعنون بذلك الفوقية المعنوية، وهي فوقيةُ القَدْرِ.

فمذهبُ أهلِ السنَّةِ والجماعة حقٌّ خالصٌ، ومذهبُ الجهميَّةِ والمعتزلةِ مذهبٌ باطلٌ ليس فيه من الحقِّ شيءٌ، ومذهبُ الأشاعرةِ فيه حقٌّ وباطلٌ، فقولهم: «إنه يُرى بالأبصار» حقٌّ، وقولهم: «لا في جهة» باطلٌ (١).

المسألةُ الثالثةُ: مسألةُ الجنةِ التي أُهبطَ منها آدم، فالذي عليه الجمهورُ أنَّها هي جنةُ الخلد التي خلقَها الله وأعدَّها لأوليائِه، قال الله تعالى: ﴿نَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩)[طه]، وقالَ: ﴿وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِين (٣٥)[البقرة].

وقالَ آخرون: إنَّها ليست جنةُ الخلدِ التي أُعدَّت للمتقين، بل جنةٌ في مكانٍ عال في ربوةٍ من الأرضِ اللهُ أعلمُ حيث كانت.


(١) قول الأشاعرة بالرؤية مع نفي العلو في غاية التناقض، وجميع محاولاتهم لإزالة هذا التناقض لم تفلح إلا بأن تُفسَّر الرؤية بما يقربها إلى مذهب المعتزلة؛ وهو أن الرؤية أمر يخلقه اللّه في الحي! وهذا ما استقر عليه مذهبهم كما في «شرح المواقف» للجرجاني (٨/ ١١٥ - ١١٦). قال شيخ الإسلام: «فلهذا صار الحذَّاق من متأخري الأشعرية على نفي الرؤية وموافقة المعتزلة، فإذا أطلقوها موافقة لأهل السنة فسَّروها بما تفسِّرها به المعتزلة، وقالوا: النزاع بيننا وبين المعتزلة لفظي». درء التعارض (١/ ٢٥٠). وينظر: بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٤٣٢ - ٤٣٥)، (٤/ ٤٢٠ - ٤٨٠)، ومنهاج السنة (٢/ ٣٢٥) وما بعدها، ومجموع الفتاوى (١٦/ ٨٤ - ٨٩)، وشرح الطحاوية لشيخنا (ص ١١٧)، وشرح القصيدة الدالية (ص ٧٤).

<<  <   >  >>