للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: حديثُ صهيبٍ ، وفيه تفسير النبيِّ للزيادة في قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]، وقد تقدَّمت الإشارةُ إليه، ولفظه كما في صحيح مسلم؛ عن صهيب عن النبي قال: «إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ قال يقول الله : تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون ألم تُبيِّض وجوهنا؟ ألم تُدخلنا الجنة وتُنجنا من النار. قال: فيكشف الحجاب، فما أُعطوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم ﷿، ثم تلا رسول الله هذه الآية: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]» (١)، إلى غير ذلك من الآثار، وقد أجمع الصحابةُ فمَن بعدهم من أهل السنَّة على إثبات رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة.

وكلام المؤلف صريح في إثبات الرؤية التي دلَّت عليها الأدلة من الكتاب والسنة، وهو بهذا يوافق قول إمامه مالك بن أنس ؛ فقد روي عنه أنه قال: «لمَّا حجب أعداءه فلم يروه، تجلى لأوليائه حتى رأوه» (٢).

وقد أنكرَت المُعطلةُ من الجهميةُ والمعتزلةُ الرؤيةَ بل أنكروا إمكان الرؤية، وتعلَّقُوا بقوله تعالى: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، وقالوا؛ أي: لا تراه الأبصار، والآية حجَّةٌ عليهم، فإنَّ الإدراك هو الإحاطة؛ فالمنفيُّ هو الرؤية مع الإحاطة، ونفيُ الإحاطة يستلزمُ إثبات الرؤية من غير إحاطةٍ؛ لأن نفي الأخص يستلزم إثبات الأعم (٣)، واستدلوا أيضًا؛


(١) أخرجه مسلم (١٨١).
(٢) ينظر: الكشف والبيان للثعلبي (٢٩/ ٦٥)، والتفسير البسيط للواحدي (٢٣/ ٣٢٧).
(٣) ينظر: منهاج السنة (٢/ ٣١٧ - ٣٢١)، وبيان تلبيس الجهمية (٤/ ٤٢٠ - ٤٢٨)، وحادي الأرواح (٢/ ٦١٨ - ٦٢٢)، وشرح التدمرية لشيخنا (ص ٢٢٤ - ٢٢٥)، وشرح الطحاوية لشيخنا (ص ١١٥ - ١١٦).

<<  <   >  >>