للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: أنَّها رؤية واضحة لا تَكلُّف فيها، وهو معنى: «لا تضامون في رؤيته» أو «لا تُضارُّون» (١)، (٢).

وأمَّا مذاهبُ المتكلِّمين في الرؤية:

فالمعتزلةُ والجهميةُ أنكروا الرؤية مطلقًا، وكذَّبوا بها، وتأوَّلوا النصوصَ أو ردُّوها، فما قدروا على ردِّه ردُّوه، وما لم يقدروا على ردِّه - كالقرآن - أوَّلوه، بل حرَّفوه، فأمْرُهم دائرٌ بين التكذيب والتحريف، وبنوا هذا على أصولٍ فاسدةٍ، زعموا أنَّها عقليات؛ وهي في حقيقتها جهليات، فهم ينفون العلو، وينفون قيامَ الصفات به، وأنَّ الرؤيةَ تستلزم المقابلة، وأنَّ المرئي لا بدَّ أن يكون ذا لونٍ، ونحو ذلك من الخيالات التي يُعارضون بها النصوصَ الصريحةَ الصحيحةَ.

وأمَّا الأشاعرةُ: فإنَّ طريقتهم في الرؤية طريقةٌ فيها تذبذبٌ، فليسوا مع المعتزلة ولا مع أهل السنَّة، فهم يقولون: إنَّ اللهَ يُرى لا في جهةٍ؛ لا من فوقٍ، ولا عن يمينٍ، ولا عن شمالٍ، ولا من أمامٍ، ولا غير ذلك من الجهات، وبهذا أضحكوا عليهم العقلاء، وفتحوا الباب للمُعارضين؛ إذ أنَّهم يثبتون رؤيةً لا حقيقةَ لها ولا معنى، وإذا حُقق مذهبهم: تبيَّن أنَّهم لا يثبتون الرؤية؛ لأنَّ ما أثبتوه منها غير معقولٍ (٣).


(١) أخرج هذا اللفظ: البخاري (٧٤٣٩) عن أبي سعيد الخدري ، ومسلم (٢٩٦٨) عن أبي هريرة .
(٢) ينظر: شرح التدمرية (ص ٢٧٥)، وشرح الطحاوية لشيخنا (ص ١١٦).
(٣) ينظر: بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٤٣٢ - ٤٣٥)، (٤/ ٤٢٠ - ٤٨٠)، ومنهاج السنة (٢/ ٣٢٥) وما بعدها، ومجموع الفتاوى (١٦/ ٨٤ - ٨٩)، وشرح الطحاوية لشيخنا (ص ١١٧)، وشرح القصيدة الدالية لشيخنا (ص ٧٤).

<<  <   >  >>