وثمرة تيسيرهم لليسرى، وشرح صدورهم للذكرى؛ أنْ نطقتْ ألسنتُهم بالإيمان بالله، وهو معنى قول المؤلف:(فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين، وبقلوبهم مُخلصين، وبما أَتتهم به رسلُه وكتبُه عاملين)، فقوله:(فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين): أي: شهدوا ألَّا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وأخلصوا دينَهم لله، ولا بدَّ للإيمان أنْ يكون ظاهرًا وباطنًا.
وقوله:(وبقلوبهم مُخلصين، وبما أَتتهم به رسلُه وكتبُه عاملين): هذه آثارُ هدايةِ الله وتوفيقِه وتيسيره وشرحِه لصدورِهم، فهي أمورٌ ومعانٍ متلازمةٌ، وجملة ذلك صلاحُ الظاهرِ والباطنِ فظهرَ أثرُ هذه الهداية والتوفيق على قلوبهم اعتقادًا وعملًا، وعلى ألسنتهم نطقًا وإقرارًا، وعلى جوارحِهم كلِّها عملًا وحركةً وطاعةً، وصلاح القلب يستلزم صلاح الجوارح كما في الحديث الصحيح:«ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»(١).
قوله:(وتعلَّموا ما علَّمهم): يحتملُ أن تكونَ بمعنى: عَلِموا ما علَّمهم، أو طلبوا علمَ ما علَّمهم.
قوله:(ووقفوا عند ما حدَّ لهم): أي: وقفوا عند حدودِ الله، فلم يتجاوزوا المباحَ إلى الحرام، ولم يتجاوزوا ما شرعَ اللهُ لهم إلى الابتداع، كما قال تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾ [البقرة: ٢٢٩]، فإنَّ هذا من وجوه الاستقامة، والوقوف عند حدود الله، فلا يتجاوزُ العبدُ
(١) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير ﵄.