للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والظاهرُ أنَّ سجودَ الملائكةِ لآدمَ، وما كان من إبليسَ؛ أنَّ ذلك كلَّه كان في السماءِ، والجنةُ في السماءِ، وأيضًا قولُه تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ [البقرة: ٣٦] يدلُّ على أنهم ما كانوا في الأرضِ، بل أُهبِطُوا إلى الأرض، ومن يقول: إنها جنةٌ غير جنةِ الخلدِ يقول: إنها جنةٌ في الأرضِ، واللهُ أعلم.

قوله: (وخليفته إلى أرضه بما سبق في سابق علمه):

المناسب أن يقال خليفة الله في أرضه، وكأنه أخذه من قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠]، وفي الآية أقوالٌ للمفسرين (١) هذا أحدُها، وقيل: سُمِّي آدمُ خليفةً؛ لأنه صار خليفةً لخلقٍ قبله كانوا على الأرض، وقيل: سُمِّي خليفةً؛ لأنَّ اللهَ جعله وذريته خلائف؛ كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الأَرْضِ﴾ [الأنعام: ١٦٥]، والقول الذي مشى عليه المؤلف، وهو أنَّ آدمَ خليفةُ اللهِ؛ ضعيفٌ، إلَّا أن تكون الإضافةُ للتشريف، فإنَّ الخليفةَ مَنْ يخلف غيره إذا غاب أو مات، واللهُ تعالى حيٌّ لا يموتُ وشاهدٌ لا يغيبُ، فلا يكون أحدٌ خليفةً عنه، بل هو تعالى الذي يخلف عبدَه في مغيبه أو موته؛ كما في دعاء السفر: «اللهمَّ أنت الصاحبُ في السَّفر، والخليفةُ في الأهل» (٢)، وكما


(١) ينظر: تفسير الطبري (١/ ٤٧٦ - ٤٨١)، وزاد المسير (١/ ٥٠)، وتفسير ابن كثير (١/ ٢١٦ - ٢٢٠).
(٢) أخرجه مسلم (١٣٤٢) من حديث ابن عمر .

<<  <   >  >>