للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقائدِه، وأعمالِه، وأخلاقِه، وآدابِه، وفنونِ العلمِ مِنَ الأصولِ والفقهِ ما يُلقِّنُه ويعلِّمُه للأولاد، وهذا مطلبٌ شريفٌ يدلُّ على فقه هذا المعلِّم، ليجمع لهؤلاء الطُّلَّاب الصغارِ بين الحفظِ والفقهِ في مسائل الدِّينِ الاعتقاديةِ والعمليةِ والآدابِ والأخلاقِ المرضية، ومعلومٌ أنَّ هذا المطلبَ على صفة الاختصار، وقد فعلَ المؤلِّفُ، فألَّفَ هذا الكتابَ المعروفَ الذي سبقتِ الإشارةُ إلى أنَّه قد صار له شهرة وعُنِيَ به علماءُ المالكية؛ شرحًا، ونظمًا، ودراسةً، فالله يجزي فاعلَ الخيرِ ومن دعا إليه وكان سببًا فيه؛ فالكلُّ أهلٌ لثواب الله، وقد ذكرَ في هذه المقدمة أنَّه قد أجابَ إلى ما طُلِبَ منه، وفصَّل ذلك، وضمَّنَ هذه الرسالة ما طُلبَ منه من بيان الواجباتِ الشرعية والسننِ بأنواعها، والآدابِ، ومن فنونِ العلمِ الشرعي أصولِه وفروعِه.

وقد تضمَّنت جُمَلُ هذه المقدمة معاني جميلة وجليلة؛ لأنَّ لها دلالات ومعاني تستحقُّ توضيحَها والتعليقَ عليها، والاستفادةَ منها، وبيان ما ترمي إليه.

قوله: (أمَّا بعد): هذه الجملةُ يُؤتى بها في الخطب والمؤلفات للانتقال من الافتتاح إلى المقصود، وقد كان النبيُّ يأتي بها في خطبه (١)، إذن: فاستعمالُها في الكلام والخطبة سُنَّةٌ، بعدما يثني على الله، فإنه يقول: «أمَّا بعد»، ويفسِّرُها النحويون ب «أمَّا» الشرطية وجوابها؛ فيقولون: «أمَّا بعد»؛ معناها: مهما يُذكر من شيءٍ بعد فهو كذا وكذا،


(١) وقد بوَّب البخاري في «صحيحه»: «باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أمَّا بعد»، وذكر جملة من الأحاديث (٩٢٢ - ٩٢٧).

<<  <   >  >>