للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِين (٧٨)[الأنبياء] (١).

ولكنَّ التعريفَ الذي ذكرَه شيخُ الإسلام مُنضبطٌ وجيدٌ؛ وهو: أنَّ الرسولَ هو مَنْ أُرسلَ إلى قومٍ كفَّارٍ مُكذِّبين؛ مثل: نوحٍ، وهود، وصالح، وموسى، وهارون، وغيرهم، أمَّا النبيُّ فهو من أُرسلَ إلى قومٍ مؤمنين (٢)، ويَستشهِدُ شيخُ الإسلامِ على هذا بقولِه : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾ [الحج: ٥٢]، فأضافَ الإرسالَ إليهما، فدلَّت الآيةُ على أنَّ النبيَّ مُرسلٌ، وأنَّ المرسلين منهم النبيُّ ومنهم الرسولُ.

فالإرسالُ الشرعيُّ عامٌّ يشملُ الأنبياءَ والرُّسل، وخاصٌّ بالرُّسل؛ فالرسولُ هو المُرسَلُ إلى قومٍ كفَّارٍ، والنبيُّ مَنْ أُرسلَ إلى قومٍ مؤمنين يعلِّمُهم ويحكمُ بينَهم، ويأمرُ بالمعروفِ وينهى عن المُنكرِ؛ كما تقدَّم.

وهذا التقريرُ لشيخِ الإسلام يُؤيده آياتٌ؛ فإنَّ الله سمَّى أنبياءَ بني إسرائيل من بعدِ موسى رُسلًا؛ فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾ [البقرة: ٨٧]، فليس بعد موسى رسولٌ بالمعنى الخاصِّ إلَّا المسيحُ ثم محمَّدٌ عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ.


(١) تنظر أوجه أخرى لرد هذا التفريق في: روح المعاني للألوسي (٩/ ١٦٥)، والرسل والرسالات للأشقر (ص ١٣ - ١٤)، وشرح الطحاوية لشيخنا (ص ٨٦ - ٨٧).
(٢) ينظر: النبوات (٢/ ٧١٤ - ٧١٨).

<<  <   >  >>