للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك القولُ في النارِ إنَّها موجودةٌ، وأن الله خلقها وجعلها دار خلود لمن كفر به، والأدلةُ على وجودِ النار كثيرةٌ؛ منها قوله تعالى في قومِ نوح: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا (٢٥)[نوح]، وقال في فرعونَ وقومِه: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ [غافر: ٤٦]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾ [الأنعام: ٩٣]. وقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين (١٣١)[آل عمران].

ومن السُّنةِ أدلةٌ كثيرة، منها ما ثبت في الصحيح أن النبي قال: «عُرِضَت عليَّ الجنةُ والنارُ» (١)، ومنها: ما ورد في أحاديث عذابِ القبر ونعيمه، وأنَّ الكافر بعد الفتنةِ يُفتَحُ له بابٌ إلى النار، فيأتيه من حرِّها وسَمومها (٢)، ومنها قوله : «إن الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها


(١) أخرجه البخاري (٥٤٠)، ومسلم (٢٣٥٩) من حديث أنس بن مالك .
(٢) يشير شيخنا لما أخرجه أحمد (١٨٥٣٤)، والطيالسي (٧٨٩)، وابن أبي شيبة (١٢٠٥٩)، وأبو داود (٤٧٥٣)، والحاكم (١٠٧) (١١١)، والبيهقي في «إثبات عذاب القبر» (٢٠) (٤٤)، وابن منده في «الإيمان» (١٠٦٤) من طرق، عن الأعمش، عن منهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب، به. وله طرق أخرى.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا جميعًا بالمنهال بن عمرو وزاذان أبي عمر الكندي، وفي هذا الحديث فوائد كثيرة لأهل السنة وقمع للمبتدعة ولم يخرجاه بطوله، وله شواهد على شرطهما يستدل بها على صحته». وقال البيهقي: «هذا حديث كبير صحيح الإسناد، رواه جماعة من الأئمة الثقات عن الأعمش».
وقال ابن منده: «هذا إسناد متصل مشهور. رواه جماعة، عن البراء، وكذلك رواه عدَّة، عن الأعمش، وعن المنهال بن عمرو، والمنهال أخرج عنه البخاري ما =

<<  <   >  >>