للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإنما كانت معه إلى أبي بكر فلتة وقى الله شرها»، وكذبا. والله ما كانت بيعة أبي بكر فلتة، ولقد أقامه رسول الله مقامه واختاره لدينهم على غيره، وقال: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر». فهل منكم أحد تقطع إليه الأعناق (١) كما تقطع إلى أبي بكر؟ فمن بايع رجلا على غير مشورة، فإنهما (٢) أهل أن يقتلا. وإني أقسم بالله، ليكفن الرجال أو ليقطعن أيديهم وأرجلهم وليصلبن في جذوع النخل. وإني أخبركم أن الله لما قبض رسوله، اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر. وتكلم خطيب الأنصار فقال: نحن الأنصار، وكتيبة الإسلام، وأنتم معشر المهاجرين رهط هنا، وإذا هم يريدون أن يخرجونا من أصلنا ويغصبونا أمرنا. فأردت أن أتكلم، وكنت قد زورت (٣) مقالة أردت أن أقدمها بين يدي أبي بكر. فقال أبو بكر: على رسلك يا عمر. وتكلم أبو بكر فما ترك كلمة أعجبتني إلا قالها مع أمثالها حتى سكت. فقال: ما كان من خبر فأنتم له أهل. ونحن، بعد، ممن نحن منه. ولن تعرف العرب الأمر إلا لهذا الحي من قريش، وقد قال : «هذا الشأن بعدي في قريش».

فقال الحباب بن المنذر، أحد بني سلمة: قد نعرف لكم فضلكم، ولكنا منا أمير ومنكم أمير (٤)، فذلك أحرى ألا يخالف أحد منا صاحبه، فإلا تفعلوا فأنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب. ثم قال بشير بن سعد: الأمر بيننا وبينكم كشق الأبلمة. فقلت (٥): وأنت أيضا يا أعور؟ نشدتك بالله، هل سمعت رسول الله يقول: «الأئمة من قريش»؟ قال: اللهم نعم، فرغم أنفي. قلت ففيم الكلام؟ وقال أبو بكر: أدعوكم إلى أي المهاجرين شئتم: عمر، أو غيره. فهي التي كرهت من كلام أبي بكر، ولأن أقدم فيضرب (٦) عنقي أحب إلي من أن أزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله . ثم قال أبو بكر: نحن الأمراء، وأنتم الوزراء وإخواننا في الدين، وأحب الناس إلينا. فأذهب الله عنهم نزغ الشيطان.


(١) خ: يقطع إليه الاعتاق.
(٢) أى البائع وهذا الخليفة.
(٣) خ: زودت.
(٤) خ: أمين ومنكم أمين. (ولكن راجع ابن هشام، ص ١٠١٦).
(٥) خ: فعلت.
(٦) خ. فتضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>