للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"إِنَّ لَهُ دَسَمًا". [خ ٢١١، م ٣٥٨، ت ٨٩، ن ١٨٧، جه ٤٩٨]

===

إن له دسمًا) الدسم كسبب: الودك، وهذه الجملة أشير بها لعلة المضمضة من اللبن، ووجه المناسبة أنه ربما بقي من آثاره شيء، فتخلل ونزل الجوف في صلاته فأبطلها، أو استمر في فمه فأورثه رائحة كريهة، كذا قال الشارح، وهذا حديث صحيح أخرجه البخاري في "صحيحه" بهذا السند.

قال الحافظ (١): لكن رواه ابن ماجه من طريق الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي، فذكره بصيغة الأمر: "مضمضوا من اللبن"، كذا رواه الطبراني (٢) من طريق آخر عن الليث بالإسناد المذكور، وأخرج ابن ماجه من حديث أم سلمة وسهل بن سعد مثله، وإسناد كل منهما حسن.

قال العيني (٣): وبعد، فليس في مضمضته - صلى الله عليه وسلم - وجوب مضمضة ولا وضوء على من شربه إذا كانت أفعاله غير لازمة العمل بها لأمته، إذا لم تكن بيانًا عن حكم فرض في التنزيل. وقال صاحب "التلويح": فيه نظر.

قلت: حاصل النظر أن الأحاديث التي أخرجها ابن ماجَه وغيره بصيغة الأمر تدل على الوجوب، قلت: ولكن الحديث الذي رواه أبو داود بسند لا بأس به إلى أنس بن مالك "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنًا فلم يمضمض ولم يتوضأ وصلَّى" يدل على نسخ المضمضة.

قال العيني: والصواب في هذا أن الأحاديث التي فيها الأمر بالمضمضة أمر استحباب لا وجوب، والدليل على ذلك ما رواه أبو داود المذكور آنفًا، وما رواه الشافعي - رحمه الله- بإسناد حسن عن أنس


(١) "فتح الباري" (١/ ٣٩٢).
(٢) في "فتح الباري": "الطبري"، وهو تصحيف.
(٣) "عمدة القاري" (٢/ ٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>