للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العربية منع الفصل بين المتضايفين بالظرف والجار والمجرور في الاختيار فضلًا عن المفعول به. فكيف يجوز وقوعه في أفصح الكلام، وهو القرآن الكريم.

ورد الزمخشري هنا لقراءة ابن عامر، قد تصدى المحررون من علماء القراءة والعربية للرد عليه وغيره ممن طعن في هذه القراءة الصحيحة وأمثالها. وخلاصة الرد أن هذه القراءة قد نقلت نقلًا صحيحًا، وأن القراءةَ حُجةٌ على النحاة لا العكس. وقد أطال ابن الجزري في الرد على الزمخشري بما لا مزيد عليه (١).

وممن أشبع هذه المسألة بحثًا واستشهادًا محمد بن مالك في أكثر من كتاب من كتبه، قال في «شرح التسهيل»: «وتجويز ما قرأ به - أي ابن عامر - في قياس النحو قوي، وذلك أنها قراءة اشتملت على فصل بفضلة بين عاملها المضاف إلى ما هو فاعل، فحسن ذلك ثلاثة أمور:

أحدها: كون الفاصل فضلة؛ فإنه بذلك صالح لعدم الاعتداد به.

الثاني: كونه غير أجنبي لتعلقه بالمضاف.

الثالث: كونه مقدر التأخير من أجل المضاف إليه، فقدر التقدم بمقتضى الفاعلية المعنوية، فلو لم تستعمل العرب الفصل المشار إليه لاقتضى القياس استعماله؛ لأنهم قد فصلوا في الشعر بالأجنبي كثيرًا، فاستحق الفصل بغير أجنبي أن يكون له مزية فحكم بجوازه» (٢). وأشار إلى حجته في هذه المسألة في نظمه «الكافية الشافية» بقوله:

وعُمْدَتي قِراءةُ ابنِ عَامِرِ ... وكَمْ لَهَا مِنْ عَاضِدٍ وَنَاصِرِ (٣)


(١) انظر: النشر ٢/ ٢٦٣ - ٢٦٥، إبراز المعاني ٢/ ١٤٦ - ١٥٧.
(٢) شرح التسهيل ٢/ ١٨٢.
(٣) انظر: شرح الكافية الشافية ٢/ ٩٧٨ - ٩٧٩.

<<  <   >  >>