للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمرو بن العلاء (١٥٤ هـ) كان قارئًا من القراء السبعة، ثم اتجه إلى تحصيل اللغة، حتى أصبح مَعْلَمًا بارزًا من معالمها، فالمتأمل لتاريخ اللغة والرواية يلحظ أن أبا عمرو بن العلاء كان نقطة تحول في تاريخ الرواية العلمية (١)، يقول شعبة بن الحجاج (٢): «كنت أختلف إلى ابن أبي عَقْرَب فأسأله عن الفقه، ويسأله أبو عمرو بن العلاء عن العربية، فنقوم وأنا لا أحفظ حرفًا مما سأله، ولا يحفظ حرفًا مما سألته» (٣). وهذا الأصمعي يلزم أبا عمرو بن العلاء ليأخذ قراءته، ثم يتأثر بأستاذه ليصبحَ عَلَمًا من أعلام رواية اللغة وشعر العرب (٤). ويمكن القول: إنه قد مضى القرن الأول وجزء من الثاني ورواية اللغة يقوم بها القراء والمفسرون، ولم تنتقل إلى اللغويين إلا بعد ذلك.

ويمكن تقسيم مصادر الشواهد الشعرية التي اعتمد عليها المفسرون في تفسير القرآن الكريم، واللغويون في تقعيد القواعد اللغوية، وتأسيس علوم العربية، إلى قسمين:

الأول: مصادر مباشرة، وهي الأخذ عن الشعراء الذين يُحتجُّ بشعرهم مباشرةً.

الثاني: مصادر غير مباشرة، وهي كل ما عدا الشاعر من المصادر، ويندرج تحت ذلك، الرواة عن الشعراء، من العلماء، والأعراب، والمصنفات الأولى التي حفظت الشواهد الشعرية للأجيال التالية، من كتب التفسير واللغة وغيرها.


(١) انظر: أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي لعبد الصبور شاهين ٣٠ - ٤٩.
(٢) هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج العتكي، من أئمة رواة الحديث، لقب بأمير المؤمنين في الحديث، توفي سنة ١٦٠ هـ. انظر: الكاشف للذهبي ١/ ٤٨٥.
(٣) طبقات النحويين واللغويين ٣١.
(٤) انظر: المصدر السابق ١٦٧، وأخبار النحويين البصريين للسيرافي ٧٤، وإنباه الرواة ٢/ ١٩٧.

<<  <   >  >>