للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكنْ أُذَكِّرُ آلآءَنا ... حَدِيثًا وما كانَ مِنَّا قَدِيْما (١)

وقال الأجدع الهمداني:

ورضيتُ آلآءَ الكُميتِ فَمَنْ يَبِعْ ... فَرَسًا فَليسَ جَوادُنا بِمُباعِ (٢)

قال الجوهريُّ في هذا الشِّعرِ: «آلآؤهُ: خِصالُهُ الجميلةُ». ولكنَّهُ لَم يَتثبَّت (٣) على هذا المعنى الذي هو أَصلُهُ، فقال في مادةِ أَلا: «والآلاءُ: النِّعَمُ، واحدُها: أَلا بالفتحِ، وقد يُكسَرُ ويُكتبُ بالياء، مِثالهُ: مِعى وأَمعاء» (٤). فاتَّبعَ ما فَهِمَ المفسرون عن ابن عباس رضي الله عنه. وقال فَضالةُ بنُ زيدٍ العدواني، وهو من المُعَمّرين:

وفي الفَقْرِ ذُلٌّ للرِّقابِ، وقَلَّما ... رَأَيتُ فَقيرًا غَيْرَ نِكْسٍ مُذَمَّمِ

يُلامُ وإِنْ كانَ الصَّوابُ بِكَفِّهِ ... ويُحْمَدُ آلآءُ البَخيلِ المُدَرْهَمِ (٥)

أي: يَحمدون صفاتِ البخيلِ وفِعالهِ. وهذا البيتُ أوضحُ دَلالةً مِمَّا ذكرنا قبلَهُ على معنى الآلاءِ. وقال الحماسيُّ (في المراثي، ولم يُسمِّهِ أبو تَمَّام):

إذا ما امرؤٌ أَثْنَى بِآلآءِ مَيّتٍ ... فلا يُبْعِدِ اللهُ الوليدَ بنَ أَدْهَما

فَما كان مِفْراحًا إذا الخَيْرُ مَسَّهُ ... ولا كان مَنَّانًا إذا هُو أَنْعَما (٦)

فَفَسَّر ما أرادَ من الآلاءِ بذكر أَنَّهُ لم يكن مِفراحًا إذا مَسَّه الخيرُ، ولا مَنَّانًا إذا أَنعمَ. وقالت الخنساءُ:

فَبَكى أَخاكَ لآلآئهِ ... إذا المَجدُ ضَيَّعَهُ السَّائِسُونا (٧)» (٨).

فهذه ثمانية شواهد شعرية ينتمي غالبها للعصر الجاهلي، توضِّحُ


(١) انظر: المفضليات ١٨٤.
(٢) انظر: الأصمعيات ٦٩.
(٣) هكذا، ولعلها: يَثْبُت.
(٤) الصحاح ٣/ ١١٨٩.
(٥) انظر: الحماسة البصرية ٢/ ٧١٣، وذكر المحقق مصادر أخرى.
(٦) انظر: شرح الحماسة للمرزوقي ٩٢٥.
(٧) انظر: أنيس الجلساء ٢٤٣.
(٨) مفردات القرآن ١٢٥ - ١٣٣.

<<  <   >  >>