للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واللغة، ويستدرك على المفسرين المتقدمين أشياء استنادًا إلى الشواهد الشعرية التي أخذها من هذه المصادر.

وسأمثل لذلك بِما قاله في تفسير معنى «الآلاء» وكيف جَمعَ الشواهد الشعرية لتأييد رأيه الذي ذهب إليه، وخالفَ فيه المتقدمين. (١) قال: «الآلاءُ، أَجْمعوا على أَنَّ معناه: النِّعَمُ، ولكنَّ القرآن، وأشعار العرب يأباهُ. والظاهرُ أَنَّ معناه: الفِعالُ العَجيبةُ ... ولَمَّا كان غالبُ فِعالهِ تعالى الرَّحْمةَ، ظنُّوا أَنَّ الآلاءَ هي النعم. والروايةُ عن ابن عباس رضي الله عنهما حَملتهم على هذا. ولكنَّ السَّلفَ إذا سُئلوا أجابوا حسب السؤال، والمراد المخصوص في موضعٍ مسؤول عنه ... أما القرآن فقوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (٥٥) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦)} [النجم: ٥٥، ٥٦] (٢)، بعد ذكر إهلاك الأقوام. وهكذا في سورة الرحمن.

وأَمَّا كلامُ العَربِ، فقال طَرَفَةُ:

كامِلٍ يَحْمِلُ آلآءَ الفَتَى ... نَبَهٍ سَيِّدِ ساداتٍ خِضَمّْ (٣)

وقالت مَيَّةُ بنتُ ضرارٍ تَرثي أَخاها:

كَرِيْمٍ ثَناهُ وآلاؤُهُ ... وكافِي العَشِيْرَةِ ما غَالَها (٤)

وقال المهلهلُ أخو كُليبٍ يَرثي أَخاهُ كُليبًا:

الحَزْمُ والعَزْمُ كانا مِنْ طَبائِعِهِ ... ما كُلُّ آلآئِه يا قَومِ أُحْصِيها (٥)

وقال رَبيعةُ بنُ مَقرومٍ، أَحدُ بَنِي غَيظ بن السِّيد:

ولولا فَوارِسُنا ما دَعَتْ ... بِذاتِ السُّلَيْمِ تَميمٌ تَميما

وما إِنْ لأُوئِبَها أَنْ أَعُدَّ ... مآثرَ قَومِي ولا أَنْ أَلوما


(١) سأنقل تخريجات المحقق الدكتور محمد أجمل الإصلاحي للشواهد باختصار، وأدع الشرح طلبًا للاختصار.
(٢) النجم ٥٥ - ٥٦.
(٣) انظر: ديوانه ١١٠.
(٤) انظر: شاعرات العرب ٤٠٠.
(٥) انظر: ديوانه ٩٠.

<<  <   >  >>