للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَنْتَ زَنِيمٌ نِيْطَ في آَلِ هَاشِمٍ ... كَمَا نِيْطَ خَلْفَ الرَّاكبِ القَدَحُ الفَرْدُ (١)

وقال آخر:

زَنِيْمٌ ليسَ يُعْرَفُ مَنْ أَبوُهُ ... بَغِيُّ الأُمِّ ذُو حَسَبٍ لَئِيْمِ (٢)» (٣).

ومن الملحوظ أن السلف من الصحابةِ والتابعينَ ومن بعدهم بقليل كانوا يكتفون بإيراد الشاهد من الشعر دون الحاجة لشرحه للسائل، وهذا يعود إلى أنَّ فَهْمَ الشِّعْرِ كان أمرًا شائعًا في تلك الطبقات، حتى قال عمر رضي الله عنه: «كانَ الشعرُ علمَ قومٍ لم يكنْ لهم علمٌ أصحّ منه» (٤). فلم يكن العربي الذي يستمع إلى الشعر حينئذٍ بحاجةٍ إلى من يفسِّر له المراد باللفظ في بيت الشعر. ومن الأمثلة على ذلك قول ابن عباس لمن سأله عن معنى قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧)} [الانشقاق: ١٧] (٥) فقال: ما جَمَعَ، ألم تسمع قول الشاعر: (٦)

مُسْتَوسِقَاتٍ لَمْ يَجِدْنَ سَائِقَا (٧)

حيث اكتفى بتذكير السائلِ بالشاهد من الشعرِ، دونَ أَن يزيد على ذلك، اكتفاءًا بسليقةِ السائلِ، وثقةً في فهمه للشعر.

ومن الأمثلة قول ابن عطية: «وأما قوله: {فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} [التوبة: ٧٢] (٨). فمعناه في جنات إقامة وثبوت، يقال: عَدَنَ الشيءُ في المكانِ إذا أقام به وثبت، ومنه المعدن أي موضع ثبوت الشيء. ومنه قول الأعشى:


(١) ديوانه ١١٨، وانظر: إيضاح الوقف والابتداء ١/ ٦٥.
(٢) لم أقف على قائله، وهو في الجامع لأحكام القرآن ١٨/ ٢٣٤.
(٣) تفسير الطبري (هجر) ٢٣/ ١٦٤.
(٤) كنْز العمال ٣/ ٨٥٣، طبقات فحول الشعراء ١/ ٢٤، ٥٢٤، العمدة في صناعة الشعر ونقده ١/ ٢٢.
(٥) الانشقاق ١٧.
(٦) لم أعرفه.
(٧) انظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٩٢، وانظر: تفسير الطبري (هجر) ٢٤/ ٢٤٧، إيضاح الوقف والابتداء ١/ ٦٨ - ٦٩.
(٨) التوبة ٧٢.

<<  <   >  >>