للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى إذَا أَسْلَكُوهُمْ في قُتَائِدَةٍ ... شَلاًّ كمَا تَطردُ الجَمَّالةُ الشُرُدَا (١)

معناه: حتى أسلكوهم» (٢). وهذان الشاهدان اللذان ذكرهما أبو عبيدة يصحان في (إِذَا) وليس في (إِذْ)، فالكلام هنا مختلف. وقد تعقبه الطبري فقال: «زعم بعض المنسوبين إلى العلم بلغات العرب من أهل البصرة، أن تأويل قوله: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ} [البقرة: ٣٠] (٣): وقال ربك. وأَنَّ (إِذْ) من الحروف الزوائد، وأن معناها الحذفُ. واعتلَّ لقوله الذي وصفنا عنه في ذلك ببيت الأسود بن يعفر ... ». ثم ساق الشاهدين. ثم عقب على ذلك بقوله: «قال أبو جعفر: والأمر في ذلك بخلاف ما قال، وذلك أنَّ (إِذْ) حرفٌ يأتي بمعنى الجزاء، ويدل على مجهول من الوقت، وغير جائزٍ إبطال حرف كان دليلًا على معنى في الكلام. إذ سواء قيلُ قائلٍ: هو بمعنى التَطوُّل، وهو في الكلام دليل على معنىً مفهوم - وقيلُ آخر في جميع الكلام الذي نطق به دليلًا على ما أريد به: هو بمعنى التطوُّل.

وليس لما ادعى الذي وصفنا قوله في بيت الأسود بن يعفر أن (إذا) بمعنى التطول وجه مفهوم، بل ذلك لو حذف من الكلام لبطل المعنى الذي أراده الأسود بن يعفر من قوله:

............................ ... فَإِذَا وذلكَ لا مَهَاهَ لِذِكْرِهِ

وذلك أنه أراد بقوله: «فإذا»: فإذا الذي نحن فيه، وما مضى من عيشنا. وأشار بقوله: «ذلك» إلى ما تقدم وصفه من عيشه الذي كان فيه «لا مَهَاهَ لذكره» يعني: لا طعمَ له ولا فضلَ؛ لإعقاب الدهر صالح ذلك بفساد. وكذلك معنى قول عبد مناف بن رِبْعٍ:

حتى إذَا أَسْلَكُوهُمْ في قُتَائِدَةٍ ... شَلًّا .............................


(١) قُتَائِدَة أي: ثَنِيَّة، وكُلُّ ثَنِيَّةٍ قُتائدة، والجَمَّالَةُ: أصحاب الجمال. انظر: ديوان الهذليين ٢/ ٤٢.
(٢) مجاز القرآن ١ - ٣٦ - ٣٧.
(٣) البقرة ٣٠.

<<  <   >  >>