للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقه، أما آن لك أن تتفرغ لتفسير كتاب الله العزيز، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداءُ من أقاصي البلاد، وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار، يعني الأستاذ الإمام أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي رحمه الله.

فقلتُ: يا أَبتِ! إِنَّما أَتدرَّجُ بِهذا إلى ذلك الذي تريدُ، وإذا لم أُحْكِمِ الأدبَ بِجِدٍّ وتَعَب، لم أَرْمِ في غَرضِ التفسيرِ عَنْ كَثَب ... » (١).

وهذا الطبري يقول في التأكيد على أن الشواهد الشعرية الصحيحة عمدة المفسر في معرفة الدلالة اللغوية للألفاظ القرآنية فيقول في ذلك: «وأصحهم برهانًا فيما ترجمَ وبَيَّنَ من ذلك مما كان مدركًا من جهة اللسان، إما بالشواهد من أشعارهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة .. » (٢).

بل لم يكن هذا محل عناية المفسرين فحسب، بل إن ابن هشام في السيرة النبوية، يعرض لتفسير بعض الآيات مستعينًا على ذلك بالشعر، فمن ذلك: «قال ابن هشام: (أَيَّانَ مُرسَاها): متى مرساها. يعني بذلك: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف: ١٨٧] (٣) قال قيسُ بنُ الحداديةِ الخزاعيُّ (٤):

فَجِئْتُ وَمَخْفَى السِّرِّ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ... لأَسْأَلَهَا أَيَّانَ مَنْ سَارَ رَاجِعُ (٥)


(١) مقدمة تفسير البسيط للواحدي ١/ ٢٢٨ - ٢٢٩ رسالة دكتوراه بتحقيق الدكتور محمد بن صالح الفوزان.
(٢) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ٩٣.
(٣) الأعراف ١٨٧.
(٤) هو قيس بن منقذ بن عمرو بن عبيد بن ضاطر الخزاعي، والحدادية أمه، من شعراء الجاهلية، كان فاتكًا شجاعًا خليعًا، خلعته خزاعة بعكاظ، فلا تحتمل جرائره. انظر: الأغاني ١٤/ ١٤٤.
(٥) انظر: الأغاني ١٤/ ١٥٤.

<<  <   >  >>