للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن معنى شيء من القرآن، أو أنه لم يبين لهم من معاني القرآن شيئًا، فقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيَّن معاني كثير من آيات القرآن، لكنه لم يبين معاني جميع آياته؛ لأن من القرآن ما استأثر الله بعلمه، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ولا شك في أنه لم يفسر لهم ما يرجع فهمه إلى معرفة كلام العرب؛ لأن القرآن نزل بلغتهم، ولم يفسر لهم ما استأثر الله بعلمه، مما يجري مجرى الغيب التي لم يطلع الله عليها نبيه، وإنما فسر لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما خفي عليهم معناه، أو التبس المراد به، مما خصه الله بمعرفته، وأطلعه عليه (١).

ولم يدون شيء من التفسير في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن التدوين كان موجهًا إلى حفظ ألفاظ الوحي، وكان قد نهى أولًا عن كتابة شيء من كلامه غير القرآن، خشية اختلاطه بالقرآن، فقال: «لا تكتبوا عني شيئًا سوى القرآن، ومن كتب غير القرآن فَلْيَمْحُهُ» (٢).

وقد نقل علماء الصحابة ما سمعوه من التفسير النبوي للقرآن الكريم، وقد حفظت تلك الروايات في كتب التفسير والحديث، وقد جمع السيوطي الروايات المنقولة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التفسير، من كتب الحديث والتفسير، ورتبها على ترتيب سور المصحف، وقد بلغ مجموعها أكثر من مائتين وخمسين رواية بقليل (٣). وقد كان التفسير اللغوي الذي حُفِظَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قليلًا (٤)، لما تقدم من فصاحة القوم، ولأن التطبيق العملي لأحكام القرآن الذي كانوا يشاهدونه ويشاركون فيه قد أغناهم عن السؤال عن معاني الآيات، ويمكن أن يضاف أمر آخر أسهم في تقليل مسائل الصحابة عن معاني القرآن هو قوة إيمانهم،


(١) انظر: التفسير والمفسرون ١/ ٥٣.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ١٨/ ١٢٩، المصاحف لابن أبي داود ٤.
(٣) انظر: الإتقان ٤/ ٢١٤ - ٢٥٧.
(٤) انظر: التفسير اللغوي للقرآن الكريم للطيار ٦٤ - ٦٦.

<<  <   >  >>