للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفاء عقيدتهم، وعمق يقينهم، فكرهوا لذلك السؤال عما تشابه من آي القرآن مما استأثر الله بعلمه، فلم يرو عنهم أنهم سألوا عنه رسول الله، واتجهوا إلى الجانب العملي من القرآن والسنة فسألوا عما خفي منه، واشتغلوا بتعلمه وروايته لمن جاء بعدهم رضي الله عنهم.

ومن أمثلة ذلك تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم -، تفسيره لمعنى الوَسَطِ في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣] (١) بقوله: «الوسط: العدل» (٢).

أما بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - فقد اتسعت البلاد، ودخل الناس في الإسلام أفواجًا، ودخلت العُجْمَةُ على الألسنة، فاحتاج المسلمون لشرح ما لم يكن الصحابة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بحاجة إلى شرحه من القرآن والسنة، ففزعوا إلى خلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في العلم من بعده من أصحابه، والذين صاروا أئمة الناس في شرائع الدين، وعنهم يصدرون، وبرز فيه منهم خلق كثير، رؤوسهم الخلفاء الأربعة، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وأُبَيُّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وعائشة، وأبو موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وأنس بن مالك، وأم سلمة، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين (٣).

أمَّا الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن أبي طالب، والرواية عن الثلاثة نزرة جدًا، وكأن السبب في ذلك تقدمُ وفاتهم، فلا يُحفظ عن أبي بكر رضي الله عنه في التفسير إلا آثارٌ قليلةٌ جدًا لا تكاد تجاوز العشرة (٤).

وأمَّا علي فرويَ عنه الكثير وقد روى معمر عن وهب بن عبد الله


(١) البقرة ١٤٣.
(٢) أخرجه البخاري ٤/ ١٦٣٢ برقم (٤٢١٧)، وانظر: فتح الباري ٨/ ٢١.
(٣) انظر: الإتقان في علوم القرآن ٢/ ١٢٢٧ - ١٢٢٨.
(٤) انظر: المصدر السابق ٢/ ١٢٢٧.

<<  <   >  >>