للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتيرة واحدة دون استثناء، في شرح الكلمة بكلمة، يعقبها شاهد شعري مؤيد للتفسير، في حين تعامل المفسرون مع هذه الألفاظ التي وردت في المسائل تعاملًا مختلفًا، فقد لا يرى المفسرُ حاجةً إلى شرح اللفظة الواردة في المسائل وهو قليل، فإن شرحها فقد لا يردفها بشاهد شعري كما فعل الرازي، فقد ذكر سؤال نافع بن الأزرق لابن عباس وجواب ابن عباس له دون أن يذكر الشواهد الشعرية (١)، فإن دعمها بشاهدٍ فقد لا يكون الشاهد شعريًا، أو قد يكون شعريًا ومعه غيره من الشواهد النثرية.

فمثلًا سأل نافع بن الأزرق عن معنى النُّحَاسِ في قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (٣٥)} [الرحمن: ٣٥] (٢) فقال ابن عباس: الدُّخانُ الذي لا لَهَب فيه، مُحتجًّا بقول النابغة الجعدي:

تُضِيءُ كَضَوءِ سِرَاجِ السَّلِيـ ... ـطِ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ فيهِ نُحَاسَا (٣)

وقد تأثرَ جُلُّ المفسرينَ بِهَذا الجواب، فقد تعرض أبو عبيدة لهذه اللفظة، وفسرها بتفسير ابن عباس، واستشهد لها بالشاهد نفسه (٤)، وكذلك فعل الفراء (٥)، والطبري (٦)، والزمخشري (٧)، وابن عطية (٨)، والقرطبي (٩).

ثانيًا: الشرح المعجمي للمفردات في المسائل حافظ على دلالته مع تغير الزمان، لأن فهم القرآن ينبغي أن يكون على العُرْفِ اللغويِّ الأول، واللغة المستعملة إِبَّانَ نزول القرآن، دون التأثر بالتطور الدلالي اللغوي الحادث بعد ذلك، ومن ثَمَّ فإن التفسير الذي فسره ابن عباس بقي


(١) انظر: التفسير الكبير للرازي ١٨/ ٤٥، ١٥٧، ٢١/ ٢٢.
(٢) الرحمن ٣٥.
(٣) انظر: ديوانه ٨١، وانظر: مسائل نافع بن الأزرق ٣٧.
(٤) انظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٤٤ - ٢٤٥.
(٥) انظر: معاني القرآن ٣/ ١١٧.
(٦) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٢٢/ ٢٢٦.
(٧) انظر: الكشاف ٤/ ٤٤٩.
(٨) انظر: المحرر الوجيز ١٥/ ٣٣٨، وقد نسب الشاهد للأعشى.
(٩) انظر: الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ١١٢.

<<  <   >  >>