للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محافظًا على قيمته الدلالية حتى الآن، وربما استشهد المفسرون بالشاهد الشعري الذي استشهد به ابن عباس نفسه. وربما تغير الشاهد الشعري دون الدلالة في المسائل. مثل سؤال نافع عن معنى الشواظ في قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا} [الرحمن: ٣٥] (١) فأجابه ابن عباس بقوله: اللهب الذي لا دخان فيه، مستشهدًا بقول أمية بن أبي الصلت:

يَمَانيًّا يَظَلُّ يَشِبُّ كِيْرًا ... ويَنْفُخُ دَائِبًا لَهَبَ الشُّوَاظِ (٢)

فقد وجدت المفسرين من بعده قد وافقوه جميعًا في شرح هذه اللفظة، واختلفوا في الاستشهاد بالشاهد الشعري على ثلاثة أقسام:

- من استشهد بالشاهد الشعري الذي استشهد به، ومنهم ابن عطية (٣)، حيث اكتفى بذكر الشاهد الشعري الذي ذكره ابن عباس، وأما القرطبي فقد أورد الشاهد الذي ذكره ابن عباس، والشاهد الذي ذكره أبو عبيدة والطبري (٤).

- من استشهد بشاهد شعري آخر. وهم أبو عبيدة حيث قال: «وشواظ واحد، وهو النار التي تؤجج لا دخان فيها، قال رؤبة:

إِنَّ لَهُمْ مِنْ وَقْعِنَا أَقْيَاظَا ... ونَارَ حَربٍ تُسْعِرُ الشُّوَاظَا (٥)

فهو قد وافق ابن عباس في التفسير، ولكنه خالفه في الشاهد الشعري، فلم يستشهد بالشاهد الذي استشهد به ابن عباس، وكذلك فعل الطبري، فقد وافق أبا عبيدة في التفسير والشاهد الشعري (٦).

- من لم يستشهد بالشعر واكتفى بالتفسير. ومنهم الفراء، فقد


(١) الرحمن ٣٥.
(٢) انظر: مسائل نافع بن الأزرق ٣٦.
(٣) انظر: المحرر الوجيز ١٥/ ٣٣٧ - ٣٣٨.
(٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ١١٢.
(٥) لم أجده في ديوانه. وانظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٤٤.
(٦) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٢٢/ ٢٢١ - ٢٢٢.

<<  <   >  >>