للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «فمعرفة العربية التي خوطبنا بها مما يعين على أن نفقه مراد الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بكلامه، وكذلك معرفة دلالة الألفاظ على المعاني، فإن عامة ضلال أهل البدع كان بهذا السبب، فإنهم صاروا يحملون كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على ما يدعون أنه دال عليه، ولا يكون الأمر كذلك» (١).

والشاهد له أهمية في جميع شؤون الحياة لأن الله رتب على الشاهدِ الأحكامَ الشرعية كما في آية المداينة (٢)، وآيات اللعان (٣)، وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في إثبات دخول شهر رمضان ونحوه (٤). وأصبح من يأتي بالشاهد خارجًا عن المؤاخذة، يثق الناس بعلمه كما قال الجاحظ: «ونحن - حفظك الله - إذا استنطقنا الشاهدَ، وأَحَلْنَا على المَثَلِ، فالخصومة حينئذٍ إِنَّما هي بينهم وبينها» (٥). وكما قال ابن جني: «وإذا قام الشاهدُ والدليلُ، وضَحَ المنهجُ والسبيلُ» (٦).

ولذلك لم يكن رواة الشعر وعلماؤه يقبلون تفسيرًا لا دليل عليه، ولا حجة تؤيده ولا سيما من الشعر، حتى قال الجاحظ بعد أن ذكر شيئًا عن العرب: «ولا بد من أن يكون على ذلك دليلٌ، إمَّا شِعْرٌ وإمَّا حديث، وإما أن يقول ذلك العلماءُ، فإِنْ جاءوا مع ذلك بشاهدٍ فهو أَصحُّ للخَبَرِ، وإن لم يأتوا بشاهدٍ فليس قولهم حجةً» (٧). وكان يرجح قولًا على آخر لوجود الشاهد من الشعر على أحدهما دون الآخر كما قال: «والقول الآخر أحق بالصواب لمكان الشاهد» (٨). والجاحظ


(١) الإيمان ١١١.
(٢) البقرة ٢٨٢.
(٣) النور ٤ - ١٣.
(٤) انظر: صحيح سنن النسائي للألباني ٢/ ٩٥.
(٥) الحيوان ٣/ ٣٢٥.
(٦) الخصائص ١/ ١٢.
(٧) البرصان والعرجان والعميان والحولان ١٠٤، وانظر ص ١١٥.
(٨) المصدر السابق ١٧٩.

<<  <   >  >>