للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعروفُ مِنْ كلام مَنْ نزل القرآنُ بلسانه، ولو كان حديثُ ابن بريدةَ عن أبيه (١) صحيحًا كانَ أولى الأقوال بالصحةِ؛ لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمُ بِما عَنى اللهُ جلَّ ثناؤه، وبِما أُنزلَ عليه» (٢). فأشار الطبري إلى أن الأولى بتأويل الآية عند عدم ثبوت تفسير لها عن السلف، هو ما ورد في لسان العرب من معناها.

وأَمَّا إذا وافق الشاهد الشعري مأثورًا عن السلف في تفسير الآية فيكون ذلك أولى بِحَمل معنى الآية عليه ولا خلاف في ذلك بين المفسرين، ومن ذلك قول الطبري وهو يفسر معنى قوله تعالى: {طه} وذلك بعد أن ساق الأقوال المروية في تفسيرها: «والذي هو أولى بالصواب عندي من الأقوال فيه قول من قال: معناه: يا رَجُلُ؛ لأَنّها كلمة معروفة في عَكٍّ (٣) فيما بلغني، وأَنَّ معناها فيهم: يا رَجلُ، وأُنشدَ لِمُتمِّمِ بن نُويرة:

هَتَفْتُ بِطَهَ في القِتَالِ فلمْ يُجِبْ ... فَخِفْتُ عَليهِ أَنْ يكونَ مُوائِلا (٤)

وقال آخر (٥):

إِنَّ السَّفَاهةَ طَهَ في خَلائِقِكُمْ ... لا بَاركَ اللهُ في القَومِ المَلاعِينِ (٦)

فإذا كان ذلك معروفًا فيهم على ما ذكرنا، فالواجب أن يُوجهَ


(١) الحديث: عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: لا أعلمه إلا قد رفعه، قال: «الصَّمَدُ: الذي لا جَوفَ له». وهذا الحديث ذكره ابن كثير في تفسيره من ٨/ ٥٤٧ عن الطبري، وأخرجه ابن أبي حاتم كما في مجموع الفتاوى ١٧/ ٢٢٠، والطبراني برقم ١١٦٢، وابن عدي في الكامل ٤/ ١٣٧٢، وأبو الشيخ في العظمة برقم ٩٣ من طريق محمد بن عمر الرومي، وقال ابن كثير: وهذا غريب جدًا، والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن بريدة.
(٢) تفسير الطبري (هجر) ٢٤/ ٧٣٧.
(٣) قبيلة من قبائل اليمن. انظر: معجم قبائل العرب ٢/ ٨٠٢، معجم البلدان ٣/ ٧٠٦.
(٤) انظر: ديوانه ١٣١.
(٥) هو يزيد بن المهلهل.
(٦) التبيان للعكبري ٧/ ١٤٠، الجامع لأحكام القرآن ١١/ ١٦٦.

<<  <   >  >>