للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لشعراء الجاهلية. يقول الأصمعي: جلست إلى أبي عمرو بن العلاء عَشْرَ حِجَجٍ، فلم أسمعهُ يَحتجُّ ببيتٍ إِسلاميٍّ (١). وقد تأثر المفسرون بمنهج أبي عمرو فقدموا شعراء الجاهلية، وأكثروا من الاستشهاد بشعرهم. ورغبة في موازنة منهج المفسرين بمنهج أهل اللغة عمدت إلى «لسان العرب» (٢) لابن منظور لأنظر نصيب شعراء الجاهلية من شواهده الشعرية، فوجدت أن ابن منظور قد استشهد بما يزيد عن اثنين وثلاثين ألف شاهد من الشعر، المنسوب منها لقائله بلغ واحدًا وعشرين ألفًا، وأغفل الباقي، وقد درس أحد الباحثين هذا فظهر له أن الشعراء الذين نسبت إليهم هذه الشواهد وأمكن معرفة عصورهم الأدبية بلغوا ثلاثمائة شاعر، جاءت نسبتهم لعصورهم كما يأتي:

٤٠ % ينتمون للعصر الجاهلي، و ١٠ % من طبقة الشعراء المخضرمين الذين أدركوا الإسلام، و ١٥ % من شعراء صدر الإسلام، و ٣٠ % من الشعراء الأمويين، ونسبة ضئيلة جدًا تقارب ٠.٥ % ينتمون للعصر العباسي (٣). وهذا يعني أن نسبة شعراء الجاهلية تقارب النصف، والنصف الآخر ينتمي للعصر الإسلامي والأموي، وهذه نتيجة مقاربة لما في كتب التفسير أيضًا.

ثانيًا: يأتي الشاعر الأعشى في مقدمة شعراء الجاهلية عند الطبري، فقد استشهد له الطبري بمائة وثمانية عشر شاهدًا، واستشهد له القرطبي بمائة وثلاثين شاهدًا شعريًا، ولعل هذا نتيجة عناية العلماء قديمًا بشعره،


(١) انظر: إنباه الرواة ٤/ ١٣٣.
(٢) اخترت لسان العرب لأَنَّه جَمع خَمسةَ معاجم لغوية متقدمة هي تَهذيب اللغة للأزهري، والمُحكم لابن سيده، والصحاح للجوهري، مع حواشي ابن بري عليه، والنهاية لابن الأثير. ولم يكن لابن الأثير إلا النقل، دون أن يغير شيئًا منه كما ذكر في مقدمته. انظر: لسان العرب ١/ ١٨ - ١٩.
(٣) انظر: معجم الشعراء في لسان العرب للدكتور ياسين الأيوبي ٢٣ - ٢٤.

<<  <   >  >>