فقد كان أبو عمرو بن العلاء يحث تلاميذه على العناية بشعر الأعشى للاستشهاد به، حيث يقول: «عليكم بشعر الأعشى» (١). وكان أهل الكوفة - وهم أهل رواية الشعر - يُقدِّمونَ الأعشى على غيره (٢)، وقد تضمنت كتب التفسير كثيرًا من شعره، بل تكاد تجد قصائد له استشهد المفسرون بغالب أَبياتِها، مثل قصيدته الرائية التي مدح بها عامر بن الطفيل في المنافرة بينه وبين عمرو بن علاثة، ومطلعها:
شَاقَتْكَ مِنْ قَتْلَةَ أَطْلالُهَا ... بِالشَّطِّ فَالوِتْرِ إلى حَاجِرِ (٣)
فقد استشهد المفسرون بأكثر أبياتها على مسائل لغوية، وصرفية وغيرها (٤)، كما ورد كثير من أبيات معلقته في كتب التفسير (٥).
ويأتي بعده النابغة الذبياني الذي استشهد له بثلاثةٍ وخَمسين شاهدًا شعريًا، أكثرُها من معلقته التي مطلعها:
يا دَارَ ميَّةَ بالعلياءِ فالسَّنَدِ ... أَقْوَتْ وطَالَ عليها سَالفُ الأَبَدِ (٦)
ثم يأتي في المرتبة الثالثة بين شعراء الجاهلية عند الطبري امرؤ القيس بن حجر، فقد استشهد له الطبري بثلاثين شاهدًا شعريًا، معظمها من معلقته، وقصيدته اللامية التي لا تقل جودة عن معلقته، والتي مطلعها:
أَلا عِمْ صَبَاحًا أَيُّها الطَّلَلُ البَالي ... وَهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخَالي (٧)
(١) انظر: جمهرة أشعار العرب ١/ ٢٠١ وما بعدها.
(٢) انظر: طبقات فحول الشعراء ١/ ٥٢.
(٣) انظر: ديوانه ١٨٩.
(٤) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٢/ ٤٣٣، ٩/ ١٧٣، ٢/ ٢٠، ١٠/ ٣٠٨، ١/ ٥٠٤، ٢٤/ ١١٣، ٩/ ١٤٥، ١٤٦، ٤/ ٦١٨، ١٧/ ٤٦٦، ٢٠/ ٥٥٦، ٢٤/ ١١٤، مجاز القرآن ١/ ٣٦، ١٨٧، ٢١٩، ٢/ ٨٩، ١٥٣، ٢٠٢، ٢٨٦.
(٥) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٤/ ٦٧٣، ١٠/ ٢٠٣، ١٥/ ٧٧، ٣٠٥، ١٨/ ٤٧٠، ٤٧١، ٢١/ ١٥٦، ٥٧١.
(٦) انظر: ديوانه ١٩.
(٧) انظر: ديوانه ٢٧.