للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا سيما شعراء قريش وهم أهل الحضر، فقد استشهد المفسرون بشعر أكثر من عشرين شاعرًا من قريش وحدها دون سائر كنانة، وببعض شعراء كنانة الذين بلغوا جميعًا خمسة وعشرين شاعرًا، وورد لهم واحد وستون شاهدًا في كتب التفسير غير ما جهلت نسبته.

كما ذكر الفارابي أن العلماء لم يأخذوا اللغة: «لا مِن لَخْمٍ، ولا من جُذام؛ فإنهم كانوا مُجاورينَ لأهلِ مصرَ والقِبْط، ولا من قُضاعةَ وغَسانَ، ولا من إِيادٍ؛ فإنهم كانوا مُجاورينَ لأهل الشامِ، وأكثرهم نصارى، يقرأون في صلاتهم بغير العربية، ولا من تغلبَ ولا النَّمر؛ فإنهم كانوا مجاورين للنبط والفرس، ولا من عبدالقيس؛ لأنهم كانوا سكان البحرين، مخالطين للهند والفرس، ولا من أزد عمان؛ لمخالطتهم للهند والفرس، ولا من أهل اليمن أصلًا؛ لمخالطتهم للهند والحبشة، ولولادة الحبشة فيهم، ولا من بني حنيفة وسكان اليمامة، ولا من ثقيف وسكان الطائف؛ لمخالطتهم تجار الأمم المقيمين عندهم، ولا من حاضرة الحجاز؛ لأن الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدأوا ينقلون لغة العرب قد خالطوا غيرهم من الأمم، وفسدت ألسنتهم» (١). وكل القبائل التي ذكر الفارابي أنه لم يؤخذ عنها وردت شواهد لشعرائها في كتب التفسير كما هو في جدول الشعراء. كقبيلة كنانة، وثقيف، والأزد وغيرهم.

رابعًا: كثيرًا ما يقول المفسرون قبل إيراد الشاهد الشعري «قالت العرب» أو «هكذا قالت العرب»، ونحو هذه العبارات، التي لا تعتد بقبيلة الشاعر، وإِنَّما تُسمِّي كل ما قاله شعراء القبائل المُحتج بشعرهم عربيةً، ولعل هذا لأن اللغة التي كان الشعراء ينظمون بها شعرهم لم يبق فيها فوارق تذكر بين اللهجات، وتضاءلت تلك الفوارق بين اللهجات بعد نزول القرآن الكريم.


(١) الاقتراح ٤٤ - ٤٥، والمزهر ١/ ٢١١ - ٢١٢.

<<  <   >  >>