للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك في مقدماتهم. (١) ولم يعتن بذلك الأعلم الشنتمري في شرحه لشواهد سيبويه. (٢)

وقد ذكر المعري قصة تدل على أهمية معرفة ما قبل الشاهد ومابعده لفهم الشاهد فقال: «حدثني عبدالسلام البصري خازن دار العلم ببغداد - وكان لي صديقًا صدوقًا - قال: كنت في مجلس أبي سعيد السيرافي، وبعض أصحابه يقرأ عليه «إصلاح المنطق» لابن السكيت، فمضى بيت حميد بن ثور، وهو:

ومَطويَّةُ الأَقرَابِ أَمَّا نَهَارُهَا ... فَسَبْتٌ، وأَمَّا لَيلُها فَذَمِيلُ

فقال أبو سعيد: ومطويةِ، أَصلِحْهُ بالخفضِ، ثُمَّ التفتَ إلينا، فقال: هذه واو رُبَّ، فقلتُ: أطال الله بقاء القاضي، إِنَّ قبلَهُ ما يدلُّ على الرفعِ. فقال: وما هو؟ فقلت:

أَتاكَ بيَ اللهُ الذي أَنزلَ الهُدَى ... ونُورٌ وإِسلامٌ عليكَ دَليلُ (٣)

ومَطويَّةُ الأَقرابِ .....

فعاد وأصلحه». (٤) وإنما وقع السيرافي في هذا لعدم تنبهه لما قبل الشاهد من أبيات.

ومن الأمثلة على ذلك مما جاء في كتب التفسير، قول الشاعر (٥):

مَعَاويَ إِنَّنا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ ... فَلَسنَا بِالجبالِ ولا الحَديدَا (٦)

حيث ذكر الطبري أن قوله جلَّ ثناؤه: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: ٨٣] (٧) عطفٌ على موضعِ «أَنْ» المَحذوفة في {لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [البقرة: ٨٣]،


(١) انظر: شرح السيرافي لأبيات سيبويه، خزانة الأدب، وشرح أبيات المغني كلاهما للبغدادي.
(٢) انظر: شواهد الشعر في كتب سيبويه لخالد جمعة ٩٥.
(٣) ديوانه ١١٦، إصلاح المنطق ١١.
(٤) وفيات الأعيان ٧/ ٧٢.
(٥) هو عقبة أو عقيبة الأسدي، وقيل لعبدالله بن الزَّبير - بفتح الزاي - الأسدي.
(٦) الكتاب لسيبويه ١/ ٦٧، معاني القرآن للفراء ٢/ ٣٤٨، خزانة الأدب ١/ ٣٤٣.
(٧) البقرة ٨٣.

<<  <   >  >>