للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصلح أمورهم، ويَرُبُّها ويقومُ بِهَا ... ومنه قول علقمة» ثم يورد الشاهد ويشرحه بقوله: «يعني بِقَولهِ رَبَّتنِي: وَلِيَ أمري والقيامَ به قَبلكَ مَنْ يَرُبُّه ويُصلحهُ، فلم يُصلحوه ولكنهم أضاعوني فَضِعْتُ». (١) وهذا الشرح يختلف من حيث التعبير عن شرحه الأول، مما يدل على حسن تصرفه وتوظيفه للشاهد الشعري بحسب اللفظة المشروحة وسياقها. (٢)

وأما الزمخشري في تفسيره فلم يشرح الشواهد الشعرية إلا نادرًا، سواء مفرداتها الغامضة أو تراكيبها، مما دفع بعض العلماء إلى التصدي لشرح شواهد الكشاف الشعرية (٣)، ولم يتعرض لشرح الشاهد إلا في موضع الرد والمنازعة، ومن ذلك أنه فَسَّرَ القُروءَ في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] (٤) بِمعنى العِدَّةِ، ثم في معرضِ رَدِّهِ على الأقوال الأخرى قال: «فإن قلتَ: فما تقول في قول الأعشى:

........................... ... لِمَا ضَاعَ فيها مِنْ قُروءِ نِسَائِكَا (٥)

قلتُ: أرادَ لِمَا ضاعَ فيها من عِدَّةِ نسائك؛ لِشهرة القُروءِ عندهم في الاعتداد بهنَّ، أي: من مدةٍ طويلةٍ كالمدةِ التي تعتد فيها النساءُ، استطال مدة غَيبته عن أهله كل عامٍ لاقتحامه في الحروب والغارات، وأنه تَمرُّ على نسائه مدةٌ كمدةِ العدةِ ضائعةً لا يضاجعن فيها. أو أرادَ: من أَوقاتِ نسائكَ؛ فإِنَّ القُرءَ والقارئَ جاءَ في معنى الوقت، ولم يُرِدْ لا حَيضًا ولا


(١) تفسير الطبري (شاكر) ٦/ ٥٤٢.
(٢) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ١٠/ ٥٥٢.
(٣) منها: تَنْزِيلُ الأبياتِ على الشواهد والآيات لمحمد أفندي، مشاهدُ الإنصاف على شواهد الكشاف لمحمد عليان المرزوقي، الإسعاف شرح شواهد القاضي والكشاف لخضر الموصلي (ألفه عام ٩٩٤ هـ).
(٤) البقرة ٢٢٨.
(٥) عجز بيت، صدره: وفي كُلِّ عَامٍ أنتَ جَاشِمُ غَزْوةٍ ... ........................................
انظر: ديوانه ٩١.

<<  <   >  >>