للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَكُنتُ امرأً أفضتْ إليكَ رِبَابَتِي ... وقبلَك رَبَّتني - فَضِعْتُ - رُبُوبُ

يعني بقوله: «أَفْضَتْ إليك» أي وصلت إليك ربابتي، فسرت أنت الذي تَرُبُّ أمري فتصلحه، لمَّا خَرجتُ من ربابةِ غيرك من الملوك، كانوا قبلك عليَّ فضيعوا أمري وتركوا تفقده، وهم الرُّبُوبُ، واحدهم رَبٌّ». (١)

وشرح الطبري لهذا الشاهد أجود من شرح اللغويين في معاجِمهم (٢)، وقد شرحه الأعلم بقوله: «وقبلكَ ربَّتْنِي: ملكتني أربابٌ من الملوكِ حتى سرتُ إليك، والرُّبُوبُ جَمعُ رَبٍّ، وهو المالك». (٣) ومعاجم اللغة عند مادة «رَبب»، ذكروا المعاني التي فصلها الطبري، ولم يوردوا الشواهد التي أوردها وشرحها، وبعضهم أوردها ولم يشرحها كما شرحها الطبري. (٤) ويلاحظ أن لفظة الرب التي وردت في الشعر الجاهلي تفتقر إلى ما تحمله اللفظة في القرآن الكريم من معاني اللطف والتدبير والإحكام والرحمة لجلالة معاني القرآن الكريم، غير أن هذه اللفظة في الشعر الجاهلي تدل على أصل المعنى في اللغة فحسب. (٥)

ومما يدل على حسن توظيف الشاهد الشعري عند الطبري أنه استشهد ببيت علقمة هذا في تفسيره لقوله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: ٧٩] (٦) فقال في شرحه للفظة القرآنية: «وأولى الأقوال عندي بالصواب في (الربانيين) أنهم جَمعُ رَبَّاني، وأَنَّ الربَّانيَّ المنسوبُ إلى الرَّبَّانِ الذي يَرُبُّ الناسَ، وهو الذي


(١) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ١٤١، المحرر الوجيز ١/ ٦٥، يلاحظ في إشارة الطبري هنا إلى ما كتب فيه من بعده أحمد ابن فارس (ت ٣٩٥ هـ) في مقاييس اللغة، وهو ما يسمى بالاشتقاق الكبير.
(٢) انظر: الصحاح ١/ ١٣٣، ومقاييس اللغة ٢/ ٣٨٣.
(٣) شرح ديوان علقمة ٤٣.
(٤) تهذيب اللغة ١٥/ ١٧٦ - ١٨٤، مقاييس اللغة ٢/ ٣٨٣، الصحاح ١/ ١٣٣، لسان العرب (ربب) ٥/ ٩٤ - ١٠٢.
(٥) انظر: جهود الطبري في دراسة الشواهد الشعرية للمالكي ١٥٠.
(٦) آل عمران ٧٩.

<<  <   >  >>