للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَرى اللَّحِزَ الشَّحيحَ إذا أُمِرَّتْ ... عَليهِ لِمَالهِ فيها مُهِينا (١)

يعني بالشحيح: البخيل، يقال: إِنَّه لَشَحِيحٌ بَيّنُ الشُّحِّ والشَّحِّ، وفيه شَحَّةٌ شَديدةٌ وشَحَاحَةٌ. وأما العلماء فإنهم يرون أن الشح في هذا الموضع إنما هو أكل أموال الناس بغير حق». (٢) والعلماء الذين عناهم الطبري هم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من الصحابة، وعبدالرحمن بن زيد من مفسري السلف. مما يعني أن المفردة اللغوية في القرآن قد تفسر على غير معهود اللغة في بعض الآيات.

ومثل ذلك عند تفسير قوله تعالى: {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ} [الصافات: ٩١] (٣) حيث ذكر الطبري معنى: {فَرَاغَ} في اللغة وأنه بمعنى: حاد، واستشهد بقول عدي بن زيد:

حينَ لا يَنفعُ الرَّوَاغُ ولا يَنفعُ إِلَّا المُصادقُ النِّحريرُ (٤)

وقال في شرح الشاهد: «يعني بقوله: لا ينفع الرواغُ: الحيادُ». ثم ذكر تفسير المفسرين فقال: «أَمَّا أهلُ التأويلِ فإِنَّهم فسَّروهُ بِمعنى فَمَالَ». (٥) وهذا مما تميز به شرح الطبري للمفردات في الشاهد الشعري وفي غيره، حيث يقدم تفسير السلف، ولا يغفله حين يورد الأقوال في معنى المفردات.

وقد يفيض الطبري في شرح المفردة في الشاهد الشعري بحيث يستقصي معانيها، ويوفيها حقها من الشرح والبيان، ومن ذلك ما أورده عند تفسيره لمعنى الرَّبِّ حيث قال: «وأما تأويل قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] (٦) فإن الرَّبَّ في كلام العرب منصرف على معانٍ ... ومن ذلك قيل: إِنَّ فلانَ يربُّ صنيعته عند فلان، إذا كان يُحَاولُ إصلاحَها وإدامتها، ومن ذلك قول علقمة بن عبدة:


(١) انظر: ديوانه ٣٠٩.
(٢) تفسير الطبري (هجر) ٢٢/ ٥٢٩.
(٣) الصافات ٩١.
(٤) انظر: ديوانه ١٩٨.
(٥) تفسير الطبري (هجر) ١٩/ ٥٧٠.
(٦) الفاتحة ٢.

<<  <   >  >>