للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك قول الطبري عند تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} [الرعد: ٣١] (١) حيث نقل قول من قال أن جواب (لو) محذوف في الآية، وذلك: «استغناء بمعرفة السامعين المراد من الكلام عن ذكر جوابها، والعرب تفعل ذلك كثيرًا، ومنه قول امرئ القيس:

فلو أَنَّها نَفسٌ تَموتُ سَريحةً ... ولكنَّها نَفْسٌ تقَطَّعُ أَنفُسَا (٢)

وهو آخر بيت في القصيدة، فترك الجواب اكتفاء بمعرفة سامعه مراده». (٣)

ولعل الطبري يعني أنه من آخر أبيات القصيدة، فإن هذا البيت ليس آخر القصيدة في رواية الديوان (٤)، ولا في رواية السُّكريِّ (٥)، وإن كان ما بعده غير مرتبط به، وليس فيه جواب «لو» التي في هذا البيت، وربما يستفاد من قول الطبري هذا أنه قد يكون آخر أبيات القصيدة على رواية من أخذ عنه الطبري، ولذلك أشار محمود شاكر إلى أهمية ترتيب القصائد كما وردت في الروايات المختلفة للشعر الجاهلي فقال تعليقًا على كلام الطبري: «في دواوينه المنشورة ليس هو آخر القصيدة، ولو أحسن ناشرو الشعر، لأدوا إلينا الروايات المختلفة على ترتيبها، فإن ديوان امرئ القيس المطبوع حديثًا قد أغفل ترتيب الروايات إغفالًا تامًا، مع شدة حاجتنا إلى ذلك في فهم الشعر، وفي إعادة ترتيبه». (٦)

وهذا الذي ذهب إليه الطبري هو رأي أبي عبيدة والفراء وغيرهما، وإن لم يستشهدا بهذا الشاهد، حيث قال أبو عبيدة عند تفسير هذه الآية: «فمجازه: لو سيرت به الجبال لسارت، أو قطعت به الأرض لتقطعت،


(١) الرعد ٣١.
(٢) انظر: ديوانه ١٠٧.
(٣) تفسير الطبري (شاكر) ١٦/ ٤٤٨.
(٤) انظر: ديوانه ١٠٧.
(٥) انظر: شرح ديوان امرئ القيس للسكري ٢/ ٥٥٠.
(٦) تفسير الطبري (شاكر) ١٦/ ٤٤٨ تعليق رقم ٢.

<<  <   >  >>