للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستشهد بأبيات نظائر له في النديم والندمان ففرق بين معنى الرحمن والرحيم في التأويل لقوله الرحمن ذو الرحمة والرحيم الراحم وإن كان قد ترك بيان تأويل معنيهما على صحته ... ». إلى أن قال منتقدًا لمسلك أبي عيدة: «ولكن القول إذا كان على غير أصلٍ معتمدٍ عليه كان واضحًا عَوَارهُ» (١). فهو يرد قول أبي عبيدة لمخالفته لتفسير السلف. وقال في موضع آخر بعد ترجيحه لقول مفسري السلف على تفسير أهل اللغة وهو يشير إلى أبي عبيدة: «وإنما اخترنا هذا القول على غيره من الأقوال لموافقته أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين، إذ كنا لا نستجيز الخلاف عليهم فيما استفاض القول به منهم، وجاء عنهم مجيئًا يقطع العذرَ. فأما الذين قالوا في ذلك غير ما قلنا مِمَّن قال فيه على وجه الانتزاع من كلام العرب، من غير أن يعزوه إلى إمامٍ من الصحابة أو التابعين، وعلى وجه تَحميلِ الكلام غير وجهه المعروف فإنهم اختلفوا في معناه بينهم ... » (٢). فظهر أن الطبري يعيب تفسير أهل اللغة بأنهم لا يتلفتون إلى تفسير الصحابة والتابعين، ويقولون في معاني القرآن بما ورد في اللغة والشعر، دون نظر إلى خصوصية القرآن الكريم، وتقدم الصحابة والتابعين في معرفة معانيه على غيرهم.

ومن الأمثلة على اختلاف المفسرين في معاني الشاهد الشعري اختلافهم في قول عمرو بن كلثوم في معلقته:

وأَيَّامٍ لنَا غُرٍّ طِوَالٍ ... عَصينا المَلْكَ فيها أَنْ نَدِينَا (٣)

فقال الطبري: «وقال آخرون منهم: قد وجدنا لتسمية النعم بالأيام شاهدًا في كلامهم، ثم استشهد لذلك بقول عمرو بن كلثوم:

وأَيَّامٍ لنَا غُرٍّ طِوَالٍ ... عَصينا المَلْكَ فيها أَنْ نَدِينَا


(١) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ١٣٢.
(٢) تفسير الطبري (هجر) ١٦/ ٣٨ - ٣٩.
(٣) انظر: ديوانه ٣٧٠.

<<  <   >  >>