للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُختَلَقٌ، وإن صحَّ فهو على حذفِ مُضافٍ». (١)

فابن عطية يرد هذا الشاهد، ويرى مع التسليم بصحته أنه ينبغي تأويله على وجه آخر غير الوجه الذي استُشهِدَ به عليه.

ومن الأمثلة أيضًا قول ابن عطية وهو يستدل على أَنَّ الوصفَ بـ «أُخرَى» يُقالُ في المرة الثالثةِ أيضًا، وليس في الثانية فحسب، ثم أورد شاهدًا لا يدل على قوله هذا، فبحث له عن تخريج بقوله: «وأَمَّا قولُ الشاعر (٢):

جَعَلَتْ لَهُ عُودَينِ مِنْ ... نَشَمٍ وآخرَ مِنْ ثُمامَه (٣)

فيُحتملُ أن يُريدَ به ثانيًا وثالثًا، فلا حُجةَ فيه». (٤)

فقد رده ابن عطية أيضًا لاحتمال دلالته على غير المعنى المستشهد عليه به، وهناك أمثلة أخرى على مثل هذا عند ابن عطية. (٥)

ومن الأمثلة أيضًا قول ابن عطية عند تفسيره قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} [الفرقان: ٢١] (٦): «وقوله: {يَرْجُونَ} قال أبو عبيدة وقومٌ: معناه يخافون (٧)، والشاهد لذلك قول الهذلي (٨):

إذا لَسَعَتْهُ النَّحلُ لم يَرْجُ لَسْعَها ... وخَالفَها في بيتِ نُوبٍ عَواملِ (٩)

قال القاضي أبو محمد: والذي يظهر لي أن الرجاء في هذه الآية والبيت على بابهِ؛ لأَنَّ خوف لقاء الله تعالى مقترن أبدًا برجائه، فإذا نفي


(١) المحرر الوجيز (قطر) ٥/ ٤٨٨ - ٤٨٩.
(٢) هو عبيد بن الأبرص.
(٣) رواية الديوان: «جَعَلَتْ لَها عُودَينِ». النَّشَمِ والثُّمَام: شجر. انظر: ديوانه ١٢٦.
(٤) المحرر الوجيز ١٢/ ١٣٥ - ١٣٦.
(٥) انظر: المحرر الوجيز ١/ ٨٧، ٤/ ١٩٤، ٦/ ٧٨، ١١/ ٥٨.
(٦) الفرقان ٢١.
(٧) انظر: مجاز القرآن ١/ ٢٧٥، ٢/ ٧٣، تفسير الطبري (شاكر) ١٥/ ٢٦.
(٨) هو أبو ذؤيب الهذلي.
(٩) الشاهد من شواهد المفسرين المشهورة، وهو في وصفِ رجل حاذق يتدلى إلى عسلٍ محفوظٍ في مَكمنهِ في حال غيابِ النَّحلِ العاملات عنه، ولا يخشى لَسْعَ النحلِ، لنفاسةِ العسلِ، ولذتهِ. انظر: ديوان الهذليين ١/ ١٤٣.

<<  <   >  >>