للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقائليها، وقد فاق في ذلك جَميعَ المفسرين؛ لِتقدُّمهِ، وسعةِ معرفتهِ بشعرِ العرب، وانتفعَ بِجُهدهِ في ذلك من أتى بعده من المفسرين، وأبرز من انتفع به ابن عطية، والقرطبي في تفسيريهما. والشواهد التي نسبها أقل من حيث العدد من الشواهد التي أغفلها، غير أن كثيرًا من الشواهد التي أغفلها يبعد أن يكون للجهل بها لشهرتها، كأبيات المعلقات، فقد أغفل كثيرًا منها، وأمثلة ذلك كثيرة. منها أن الطبري أورد قول الحارث بن عباد:

لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا عَلِمَ اللهُ ... وإِنِّي بِحَرِّهَا اليومَ صَالِ (١)

ولم ينسبه لقائله، وإنما اكتفى بقوله: قال الشاعر. (٢) وصنع مثل ذلك مع قول المثقب العبدي يخاطب ناقته:

تَقولُ وَقَدْ دَرَأْتُ لَهَا وَضِيْنِي: ... أَهَذا دِيْنُهُ أَبَدًا وَدِيْنِي (٣)

فقد أغفل نسبته، مع استشهاده بأبيات متفرقة من هذه القصيدة، ونسبها للمثقَّب العبدي، مِما يدل على معرفته بها. (٤) وصنع مثل ذلك بقية المفسرين، فقد أغفلوا نسبة عدد من الشواهد السائرة (٥)، التي لا يخفى أمر قائلها على أمثالهم، مما يعني أن المفسرين لم يكونوا يعنون بنسبة الشاهد لقائله إذا تأكدوا من صحة الاحتجاج به. بل إن بعض المفسرين قد يورد الشاهد في مواضع فينسبه لقائله، في حين يُبْهمهُ في غيرها. (٦)


(١) انظر: الأصمعيات ٧١، الحماسة البصرية ١/ ٥٩ وقد استقصى المُحقق تخريجه.
(٢) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ٧/ ٥٢٩، ٨/ ٢٩.
(٣) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ٧/ ٣٨٢، والبيت في ديوان المثقب ١٩٥.
(٤) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٢/ ٤٥، ٢٤/ ٢٩٦، ١٤/ ٣٢٤، ١٩/ ٤٠٣، وانظر: تفسير الطبري (شاكر) ٤/ ٢٩٣.
(٥) انظر: الكشاف ٤/ ١٠، ٣٤، ١١١، المحرر الوجيز ١/ ٦٨، ٤/ ١٥٢، ٢١٠، ٨/ ١٥٣، ١٦٨، الجامع لأحكام القرآن ٤/ ١٢٠، ٧/ ١٥، ٩/ ٢١١.
(٦) تفسير الطبري (هجر) ٣/ ٦٤٠ - ٦٤١، ١٦/ ٤٢، ٢/ ١٨٩، ١٨/ ٤٨٠ - ٤٨١، ٢٤/ ٤٢٤.

<<  <   >  >>