للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - ربَّما يورد المفسرون شاهدًا من الشعر، لا للاستشهاد به على معنى المفردة، وإنما لنفي توهم دلالته على معنى بعينه.

ومن ذلك أَنَّ ابنَ عطية عند تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: ٦٨] (١) ذكر اختلاف العلماء في معنى الآية، وأن منهم من ذهب إلى أنها ثلاث نَفْخاتٍ بدليل حديثِ أبي هريرة أَنَّ للمَلكِ في الصور ثلاثُ نفْخاتٍ: نفخةُ الفَزَعِ وهو فَزعُ الحياة الدنيا، وليس بالفَزِع الأكبرِ، ونفخةُ الصَّعْقِ، ونفخةُ القيامِ من القبور. (٢)

ومنهم مَنْ ذكرَ أَنَّهما نفختانِ، واستدلوا بأدلة منها قوله تعالى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى} وقالوا: إن «أخرى» لا تُقالُ إلا في الثانيةِ. فقال ابن عطية: «والقول الأول أصحُّ، وأُخرى يُقالُ في الثالثةِ، ومنه قولُ ربيعةَ بن مُكدّم:

ولقد شَفَعْتُهُما بآخرَ ثَالِثٍ (٣) ... .............................

ومنه قوله تعالى: {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)} [النجم: ٢٠] (٤)». (٥)

غير أَنَّ هناك شاهدًا من الشعر قد يدل على غير ما ذهب إليه ابن عطية فأورده للتنبيه على أنه لا يُعارِضُ ما ذهب إليه فقال: «وأَمَّا قولُ الشاعر:

جَعَلَتْ لَهُ عُودَينِ مِنْ ... نَشَمٍ وآخرَ مِنْ ثُمامَه (٦)

فيُحتملُ أن يُريدَ به ثانيًا وثالثًا، فلا حُجةَ فيه». (٧)

فقد أورده ابن عطية لغرض التنبيه على أنه لا يعارض ما ذهب إليه


(١) الزمر ٦٨.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (هجر) ٢٠/ ٢٥٦.
(٣) صدر بيت، وعجزه:
....................... ... وأَبى الفِرارَ لِيَ الغَداةَ تَكَرُّمِي
انظر: الأغاني ١٦/ ٦٧ (ط. دار الكتب).
(٤) النجم ٢٠.
(٥) المحرر الوجيز ١٢/ ١٣٥ - ١٣٦.
(٦) تقدم تخريجه وهو لعبيد بن الأبرص.
(٧) المحرر الوجيز ١٢/ ١٣٥ - ١٣٦.

<<  <   >  >>