للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تعقب ابن عطية الطبريَّ، وذكر أنه لا يتجه قوله في البيت إلا على رواية القاسم بن معن، ويكون في (كان) ضمير الشأن، فأما في الآية فلا، لأن تفسير الأمر والشأن لا يكون بجملة فيها مجرور محذوف. (١) فهذا من الاستشهاد للمسائل النحوية عند الطبري وهو كثير. (٢)

٢ - وقال الطبري وهو يناقش قراءة حمزة لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٢٩] (٣): حيث قرأها: {إِلَّا أَنْ يُخَافا} اعتبارًا بقراءة ابن مسعود لها، فقال الطبري: «وقراءة ذلك كذلك اعتبارًا بقراءة ابن مسعود التي ذكرت عنه خطأ، وذلك أن ابن مسعود إن كان قرأه كما ذكر عنه، فإنما أَعملَ الخوفَ في أَنْ وحدَها، وذلك غيرُ مدفوعٍ صحتُهُ، كما قال الشاعر (٤):

إذا مِتُّ فادْفِنِّي إلى جَنْبِ كَرْمَةٍ ... تُروِّي عِظامي بعدَ موتي عُروقُها

ولا تَدفِنَّنِي بالفلاةِ فإِنَّني ... أَخافُ إذا مَا مِتُّ أَلاَّ أَذُوقَها (٥)

فأمَّا قارئهُ (إِلَّا أَنْ يُخَافا) بذلك المعنى، فقد أعمل في متروكةٍ تسميتُهُ، وفي «أَنْ» فأعمله في ثلاثة أشياء:

المتروك الذي هو اسمُ ما لم يُسمَّ فاعله، وفي «أن» التي تنوب عن شيئين، ولا تقول العرب في كلامها: ظَنَّا أَنْ يقُوما. ولكن قراءة ذلك كذلك صحيحة، على غير الوجه الذي قرأه من ذكرنا قراءته كذلك، اعتبارًا بقراءة عبد الله الذي وصفنا، ولكن على أن يكون مرادًا به إذا قرئ كذكل: إلا أن يخافا بأن لا يقيما حدود الله، أو: على أن لا يقيما حدود الله، فيكون العامل في «أَنْ» غير الخوف، ويكون الخوف عاملًا


(١) انظر: المحرر الوجيز ١٢/ ١٨٢، البحر المحيط ٧/ ١٢٩، الدر المصون ٨/ ٦٩٠.
(٢) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ١/ ٢٩٨، ٣٢٩، ٤٠٤، ٥٦٩، ٢/ ١٤٩، ٨/ ٢١٠، ٢٩٨، ٩/ ٣٠ - ٣١، ١١/ ٢٤٢، ١٢/ ٩٤، ١٣/ ١٧٥، ٤٧٨، ١٥/ ٢٠٦، ٤٩٧، ١٦/ ٢١، ١٩٨، ٢٢١، ٢٩٤، ٣٢١.
(٣) البقرة ٢٢٩.
(٤) هو أبو محجن الثقفي.
(٥) انظر: ديوانه ٢٣.

<<  <   >  >>