للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيما لم يسم فاعله، وذلك هو الصواب عندنا من القراءة». (١)

٣ - أورد القرطبي عند تفسير قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: ٣] (٢) ثم ذكر أقوال النحويين في إعراب: {الَّذِينَ} واستحسن قول الفراء (٣) والأخفش (٤) في كونها فاعلًا للفعل «أَسرَّ»، حيث دلَّلَ على صحة ذلك بورود ما يشبهه في القرآن الكريم، والشعر فقال: «وهو حَسَنٌ، قال الله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} [المائدة: ٧١] (٥) وقال الشاعر (٦):

بِكَ نالَ النِّضالُ دونَ المساعِي ... فاهتدينَ النِّبالُ للأغراضِ (٧)

وقال آخرُ (٨):

ولكنْ دِيافِيٌّ أَبوهُ وأُمُّهُ ... بِحَورانَ يَعْصِرنَ السَّليطَ أَقَارِبُهْ». (٩)

والبيت الأول لأبي تمام، وهو شاعرٌ مُحدَثٌ لا يستشهدُ بشعره في مثل هذه المسألة، ولكن القرطبي قرنه بالذي بعده وهو للفرزدق. والشاهد في البيت قوله: فاهتدينَ النِّبَالُ، قال التبريزي في شرحه: «قد مر القول في أَنَّهُ يُرَدِّدُ مثلَ هذا الفعلَ الذي يتقدمُ فيه الضميرُ قبلَ الذكرِ، وهو عَربيُّ إلا أَنَّه قليلٌ» (١٠).

وأما الشاهد في البيت الثاني فقوله: يعصرن السليط أقاربُه. وهو من شواهد سيبويه (١١)، وشرحه البغدادي فقال: «فأقاربه فاعلُ يَعْصِرُ،


(١) تفسير الطبري شاكر) ٤/ ٥٥١.
(٢) الأنبياء ٣.
(٣) انظر: معاني القرآن ٢/ ١٩٨.
(٤) انظر: معاني القرآن ٢/ ٤٤٧.
(٥) المائدة ٧١.
(٦) هو أبو تمام حبيب بن أوس.
(٧) انظر: ديوانه ٢/ ٣١٣.
(٨) هو الفرزدق يهجو عمرو بن عفراء. انظر: ديوانه ١/ ٤٦.
(٩) الجامع لأحكام القرآن ١١/ ٢٦٨ - ٢٦٩.
(١٠) شرح ديوان أبي تمام للتبريزي ٢/ ٣١٣، ومثله المتنبي فإنه يكثر من استعمال هذا الإسلوب في شعره كما ذكر ابن الشجري في أماليه ١/ ٢٠١.
(١١) انظر: الكتاب ٢/ ٤٠.

<<  <   >  >>