للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال الطبري: «وانفرد بعضُ قرأة الكوفيين بقراءته بالنصب ... وذلك وإن كان جائزًا في العربية إذ كانت العرب تنصب النكرات المنعوتات مع «كان» وتضمر معها في «كان» مجهولًا، فتقولُ: إن كان طعامًا طيِّبًا فأتِنا بهِ. وترفعُها فتقولُ: إِنْ كانَ طعامٌ طيبٌ فأتِنا بهِ، فتُتْبِعُ النكرةَ خَبَرَها بِمثلِ إعرابِها- فإن الذي أختار من القراءة، ثم لا أستجيز القراءة بغيره، الرفع في «التجارة الحاضرة»؛ لإجماع القرأة على ذلك، وشذوذ من قرأ ذلك نصبًا عنهم، ولا يُعترضُ بالشاذِّ على الحُجَّةِ. ومِمَّا جاء نصبًا قول الشاعر (١):

أَعَيْنَيَّ هَلاَّ تَبكيانِ عِفَاقا ... إذا كانَ طعنًا بينهمْ وعِنَاقا (٢)

وقول الآخر (٣):

وللهِ قَومي أَيُّ قَومٍ لِحُرَّةٍ ... إذا كان يومًا ذا كواكبَ أَشْنَعا (٤)». (٥)

وهذانِ الشاهدان أوردهما الطبري لوجه النصب الذي ردَّ القراءة به، وعدَّ القراءةَ به شاذةً، مع أَنَّها قراءةٌ متواترةٌ وهي إحدى القراءات السبع. وقد انفرد الطبري برده هذه القراءاة، دون غيره من العلماء. (٦) والشاهد من المثال أنَّ الغرض من ذكر الطبري للشاهدين هو الاحتجاج لقراءةِ النَّصبِ، مع رده القراءة بها. وردُّه للقراءةِ غَيْرُ صحيحٍ، والقراءة متواترة السند، ولها وجهٌ صحيحٌ في العربية، كما في شواهد الشعر التي ذكرها وغيرها، وليس هذا موضع بسط ذلك.


(١) لم أعثر عليه.
(٢) انظر: معاني القرآن للفراء ١/ ١٨٦.
(٣) قيل: هو عمرو بن شأس.
(٤) انظر: الكتاب ١/ ٤٧، كتاب الشعر للفارسي ١/ ٢٣٢، خزانة الأدب ٨/ ٥٢١.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ٦/ ٨٠ - ٨١، ٨/ ٤١.
(٦) انظر: معاني القرآن للفراء ١/ ١٨٥، معاني القرآن وإعرابه للزجاج ١/ ٣٦٥ - ٣٦٦، الحجة لأبي علي الفارسي ٢/ ٣٢٠، إعراب القرآن للنحاس ١/ ٣٠٠، التيسير ٨٥، النشر ٢/ ٢٣٧، المحرر الوجيز ٢/ ٣٧٠.

<<  <   >  >>