للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو من تنسب له أقوال في استخراج المعاني الدقيقة من الآيات سواء عن طريق اللغة أو غيرها، ويدخل أصحاب كتب المعاني في ذلك دخولًا أوليًا لعنايتهم بذلك.

وفي تعبير مكي بن أبي طالب ما يدل على ما تقدمَ مِنْ أنَّ أهلَ المعاني ليس مُختصًا بأهلِ اللغةِ خاصةً، وإنما يشمل مَنْ تكلَّم في لغة القرآن وإعراب الآيات ومعانيها وأحكامها حيث قال ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: ١٠٦] (١) الآية: «قال مكيُّ بنُ أبي طالب رضي الله عنه: هذه الآياتُ عند أهل المعاني مِنْ أَشكَلِ ما في القرآن إعرابًا ومعنىً وحكمًا». (٢)

وقد أدخل المصنفون في معاني القرآن إعراب القرآن في مصنفاتهم، وبعضهم نص على ذلك في عنوانه كالزجاج، وبعضهم لم يشر إلى ذلك كأبي عبيدة، والأخفش. مما يعني دخول إعراب القرآن في معاني القرآن. (٣)

أما النَّحاسُ فقد أفرد لكلٍّ منهما كتابًا مختصًا به، ولعله أول من فعل ذلك بشكل ظاهر، فقد خصص كتابه «معاني القرآن» لبيان المعاني وقد سبق نقلُ كلامهِ في تقديم الكتاب، وخصَّ «إعراب القرآن» بإعرابِ القُرآنِ ومسائلِ النحو فيه، فقال في مقدمته: «هذا كتابٌ أذكرُ فيه - إن شاء الله- إعرابَ القرآن، والقراءات التي تَحتاجُ أن أُبيّنَ إعرابَها والعِللَ فيها، ولا أُخليه من اختلاف النحويين، وما يُحتاجُ إليه من المعاني، وما أجازه بعضهم ومنعه بعضُهم وزيادات في المعاني وشرح لها، ومن


(١) المائدة ١٠٦.
(٢) المحرر الوجيز (قطر) ٥/ ٧٧ ولم أجد كلام مكي في المطبوع من كتبه، ولعل قوله هذا في تفسيره «التحصيل لفوائد التفصيل الجامع لعلوم التنزيل» وهو من مصادر ابن عطية المهمة في تفسيره، ولم يُطبَع بعد فيما أعلم. وانظر في تفسير هذه الآية: معاني القرآن للزجاج ٢/ ٢١٦، معاني القرآن للنحاس ٢/ ٣٨٠.
(٣) انظر: النحو وكتب التفسير لرفيدة ١/ ١٤٥ - ١٤٨.

<<  <   >  >>