للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المفسرون عن أهل المعاني استنباطات بلاغية من تعبير القرآن تدل على إعجاز القرآن البلاغي، ومن أدلة ذلك قول الرازي عند تفسير قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] (١): «اتفق المفسرون على أن كلمة «عسى» من الله واجبٌ، قال أهلُ المعاني: لأَنَّ لفظة «عسى» تفيدُ الإطماعَ، ومن أطمعَ إنسانًا في شيءٍ ثم حَرَمَهُ كان عارًا، والله تعالى أكرمُ مِنْ أَنْ يُطمعَ أحدًا في شيء ثم لا يعطيه ذلك». (٢)

وأما المفسرون المتأخرون فمِمَّن كرَّر هذه العبارة الإمام الشوكاني (ت ١٢٥٠)، في سبعة مواضع من تفسيره، وهو ناقل لأكثرها من عبارات المتقدمين، وفيها مواضع عَنَى بِها أهلَ «علم المعاني» أحدِ علومِ البلاغة الثلاثة كما تقدم. (٣)

ثم جاء الألوسي (ت ١٢٧٠) في تفسيره، فكرر هذه العبارة ستًا وعشرين مرةً وهو يريدُ بِها أهلَ عِلمِ المعاني أحدِ عُلومِ البلاغةِ دون غيرهم. (٤)

٥ - أهل الاستنباط.

من خلال التأمل في المقصود بعبارة «أهل المعاني» في كتب التفسير المكثرة من استعمالها، ما يؤكد أن المقصود بها أهل الاستنباط للمعاني الدقيقة من الآيات القرآنية من أهل اللغة والنحو وأهل التفسير على حد سواء. (٥) وأغلب من ينصرف له إطلاق الرازي لهذا المصطلح


(١) الإسراء ٧٩.
(٢) التفسير الكبير ٢١/ ٢٦.
(٣) انظر: فتح القدير ٢/ ٨٦، ٤/ ١٤٥، ١٧٠، ٥/ ٨٧، ١٦٠، ٣٥١، ٤٣٤.
(٤) روح المعاني ١/ ١٤٧، ٣٠٩، ٤/ ١٣٦، ٥/ ١١٠، ٧/ ٩٥، ٩/ ٨٣، ١٨٥، ١١/ ٤١، ١٢/ ١١٦، ١٦٣، ١٣/ ٢٧، ١٦٠، ١٩٠، ١٩٢، ١٤/ ٢٠، ١٩٣، ١٥/ ١٤٠، ١٤٧، ٢٢٩، ١٦/ ٦٠، ١٨/ ١٦٤، ٢٣٩، ١٩/ ١١١، ٢٦/ ١٨٦.
(٥) انظر: تفسير السمعاني ١/ ٢٠٥، ٢/ ٣٤٣، ٣٥٣ - ٣٥٤، ٤٠٤، ٤١٢، ٣/ ٤٠٢.

<<  <   >  >>