للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شاهدًا، ولذلك اخترته لدراسة منهجه في الاستشهاد بالشاهد الشعري.

وتسمية كتاب أبي عبيدة بمجاز القرآن قد أوقعت بعض الباحثين في الوهم حين ظنَّه كتابًا في البلاغة، وأَنَّ المقصود به دراسةُ مصطلحِ المَجازِ المعروفِ عند أهل البلاغة (١)، في حين ذكر مُحقق المَجاز أنَّ أبا عبيدة قد نُسبت لَهُ كتبٌ في «معاني القرآن» و «غريب القرآن» و «مَجاز القرآن»، وأَنَّ المقصود بها جميعًا كتابه مَجاز القرآن المطبوع، لأن كل النقول التي نسبت لأبي عبيدة في معاني القرآن وغريبه توجد في هذا الكتاب. وربما يوافق المحقق على أن غريب القرآن ومجاز القرآن واحد للأدلة التي ذكرها.

أما أن يكون «معاني القرآن» لأبي عبيدة هو نفسه «مجاز القرآن»، فقد يُضعفُ ذلك قولُ أبي حاتم: «أخذ الأخفش كتاب أبي عبيدة في المعاني، فأسقط منه شيئًا وزاد شيئًا، وأبدل شيئًا، قال: فقلت له: أي شيء هذا الذي تصنع من هذا؟ مَنْ أَعرَفُ بالعربية؟ أنت أو أبو عبيدة؟ فقال: الكتاب لمن أصلحه وليس لمن أفسده، قال: فلم يلتفت إلى كتابه وصار مطرحًا». (٢) والموازنة بين الكتابين تُبعِدُ أن يكون معاني الأخفش مختصرًا أو تَهذيبًا لمَجاز القرآن لاختلاف المنهج والمضمون.

وقول أبي حاتمٍ يعضُدُ قولَ مَنْ ذهبَ إلى أنَّ لأبي عبيدة كتابًا في «المعاني» مؤلفًا قبل «المَجاز»، هو أصلُ «معاني القرآن» للأخفش الذي صنفه بطلب من الكسائيِ المتوفى سنة ١٨٩ هـ على الأرجح، و «المَجاز» مؤلَّف سنة ١٨٨ هـ (٣). علمًا أن الكسائي قد احتذى في تصنيفه لكتابه «معاني القرآن» كتاب الأخفش (٤)، مما يعني أَنَّ الأخفش قد صنَّف كتابه


(١) انظر: مجاز القرآن ١/ ١٨.
(٢) إنباه الرواة ٢/ ٣٧ - ٣٨.
(٣) انظر: النحو وكتب التفسير لرفيدة ١/ ١١٨.
(٤) انظر: إنباه الرواة ٢/ ٣٧، معجم الأدباء ١١/ ٢٦، طبقات المفسرين للداودي ١/ ١٨٥.

<<  <   >  >>